رئيس نقابة القضاة التونسيين لـ «المغرب»: «القانون واضح في علاقة وزارة العدل بالنيابة العمومية.. ويعتبر إعداد وثيقة توجيهية لبنة مهمة في تطوير السياسة الجزائية للدولة»

أثارت مسالة إشراف وزيرة العدل ليلى جفّال مؤخرا على اجتماع بوكلاء الجمهورية والوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف لإعداد الوثيقة

التوجيهية للسياسة الجزائية وفق مسار تشاركي وتهدف إلى العمل على تطوير وإصلاح منظومة النيابة العمومية جدلا واسعا باعتبارها خطوة أولى من نوعها في تاريخ القضاء التونسي وقد استنكر ذلك بعضهم خاصة لتزامن هذا الاجتماع مع الإذن بتتبع عدد من النواب وهناك من اعتبر أن المسألة محسومة قانونا، في هذا السياق تحدثنا مع أيمن شطيبة رئيس نقابة القضاة التونسيين.
بينت وزيرة العدل حسب بيان نشر على الصفحة الرسمية للوزارة أن نجاح تنفيذ السياسة الجزائية يبقى رهين اضطلاع النيابة العمومية بدورها في إثارة التتبعات الجزائية ضد مرتكبي الجرائم المتعلقة، -خاصّة- بالاعتداء على الأمن القومي كالجرائم الإرهابية والاعتداء على الاقتصاد الوطني ومنها جرائم الفساد الإداري والمالي وجرائم المضاربة غير المشروعة و التهريب والاحتكار و التحكم في مسالك التوزيع والأسعار
عبرت جمعية القضاة الشبان عن استنكارها لاجتماع وزيرة العدل مع وكلاء الجمهورية بما يحولها إلى خصم ورأت أن من شأن هذا الإجتماع أن يوهم بسيطرتها عليهم كقضاة وانحيازهم لها وهو ما يمسّ من حيادهم أمام المتقاضين والرأي العام ويزعزع الثقة في أعمالهم واعتبرت انه لا يوجد أي نصّ قانوني يعطيها صلاحية الإجتماع بالقضاة وأن ما حدث يعدّ سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي يجب ألا تتكرر وفق نص بيانها لذلك فان نقابة القضاة التونسيين تعتبر ان الموضوع محسوم بالقانون ولا يمكن أن يأخذ هذا الاجتماع كل هذا الحيّز من الجدل فالقضاة يحتكمون للقانون ولا شيء غيره كما أن المرجع في هذه المسألة هو مجلة الإجراءات الجزائية والتي كانت واضحة وصريحة في فصولها 22 و23 وما بعدها وتحديدا في القسم الخاص بوظائف النيابة العمومية إذ تنص على أن الوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف مكلفون تحت إشراف وزير العدل بتطبيق القانون في كامل تراب الجمهورية،كما أن الفصل 23 ينصّ على أن وزير العدل يأذن للوكلاء العامين باعتبارهم الرؤساء المباشرين للادعاء العمومي في مرجع نظر محاكمهم بإجراء التتبعات وهذا في إطار ما يسمى بالتسلسل أو التبعية الإدارية التي لا يمكن أن تنفي خضوع النيابة العمومية في الإذن بإجراء التتبعات إلى وزارة العدل وهذا بالنص وفق ما أفادنا به رئيس النقابة أيمن شطيبة.
من جهة أخرى تطرق شطيبة إلى الجدل أو النقاشات التي دارت سابقا في علاقة بإمكانية خروج النيابة العمومية من جلباب وزير العدل وجعلها مستقلة وقال في هذا السياق» الموضوع كان محل نقاش طويل ومستفيض في المجلس التأسيسي وتحديدا في باب السلطة القضائية، كما أن نفس النقاش طرح في إطار اللجنة المكلفة بمراجعة المجلة الجزائية واختلفت الآراء لان الدستور -نفسه- ينصّ على أن قضاة النيابة العمومية يتمتعون بنفس استقلالية القضاة الجالسين زد على ذلك فإن السياسة العامة للدولة في مجال العدل تمرر عبر وزير العدل وبالتالي فان هذا الأخير وفي إطار تفعيل هذه السياسة لضمان حسن تطبيق القانون وضمان تحقيق الأمن العام والسلم الاجتماعي والردع اللازم والموازنة بين مصلحة المجتمع في زجر الجريمة وتتبع مرتكبيها وضمان حقوق وحريات الأفراد لا يمكنه ان يقوم بذلك إلا بالتنسيق بين الإطراف المتداخلة في هذه السياسة والتي من أبرزها النيابة العمومية».
وفي تعليقه على الاجتماع الذي كان الأول من نوعه في تاريخ القضاء التونسي قال محدثنا «ان تحديد ملامح الوثيقة التوجيهية للسياسة الجزائية وفق مسار تشاركي في وقت تعيش فيه تونس فترة دقيقة في ظل تطور الظاهرة الإجرامية بشكل غير مسبوق وخاصة نسبة الجرائم المتعلقة بالأمن القومي كالإرهاب والاحتكار والمضاربة والفساد تعتبر هذه الخطوة مهمة وايجابية في إطار تطوير السياسة الجزائية للدولة التي تتطلب وضع استراتيجية واضحة في الغرض خاصة وأن تونس وخلافا لبعض الدول الأخرى تفتقد لإطار عام للسياسة الجزائية وبالتالي وضع لبنة سياسة واضحة المعالم خاصة للضرب على أيادي المحتكرين والمضاربين والفساد والإرهاب ودور القضاء فاعل في ضمان حسن تطبيق القانون وضمان حقوق وحريات الأفراد وتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي فلا تطور للبلاد إلا بقضاء قوي فاعل وناجز بسلطان القانون لأن القضاة مؤتمنون على حسن تطبيق القانون ولا يمكن أن يخالفوا ما ورد به نص إجرائي صريح» مضيفا بان وزير العدل يأذن طبقا للنص القانوني لكنه لا يتدخل في أعمال النيابة العمومية أو وكلاء الجمهورية ولا يتدخل أيضا في مسار القضايا والأحكام وفق تعبيره.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115