متواصلا خاصة بعد الغموض الذي لاحظه عدد من المتابعين في علاقة بالأبحاث القضائية رغم من أن كل العوائق التي يمكن أن تحول دون تقدّمها قد أزيحت وعلى رأسها مسألة الحصانة، اليوم وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على قرارات مجلس القضاء العدلي المنحل لازالت التساؤلات متواصلة.
طالب المجلس الأعلى للقضاء بفتح بحث في المعركة التي اندلعت بين هرمي السلطة القضائية وهما الطيب راشد الرئيس الأول السابق لمحكمة التعقيب وبشير العكرمي وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس وذلك منذ صائفة 2020 بعد ان تبادلا اتهامات خطيرة وقع اكتشافها من خلال تسريبات الشكايات التي تقدم بها كل منهما ضدّ الآخر إلى التفقدية العامة بوزارة العدل وأصبح الملف الذي وصف الخطير والأول من نوعه في تاريخ القضاء التونسي محلّ اهتمام كبير من الرأي العام ومن رئاسة الجمهورية.
عندما أصبحت المعركة بين الطرفين مكشوفة للعموم وجد المجلس الأعلى للقضاء المنحلّ عامة ومجلس القضاء العدلي آنذاك بصفة خاصة أمام مسؤولية جسيمة لحلحلة هذا الملف حيث قرر هذا الأخير في جلسة عقدها بتاريخ 24 نوفمبر 2020 تعهيد النيابة العمومية بالبحث في فحوى التسريبات حول شبهات جرائم تتعلق بقضايا الشهيدين شكري بالعيد ومحمد البراهمي وشبهات جرائم تتعلق بقضايا إرهابية وقضايا فساد مالي وتمت مراسلة التفقدية العامة بوزارة العدل لمده بمآل الأبحاث في جميع الشكاوى المرفوعة ضد كل من الطيب راشد والبشير العكرمي في أجل أقصاه أسبوعين كما قرر المجلس المنعقد بنفس اليوم رفع الحصانة عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في ملف واحد من مجموع ثلاثة ملفات دون الالتفات لمطلب التخلي عن الحصانة المقدم من طرفه أثناء التداول في الملف وتأجيل البت في الملفين الآخرين لاستكمال الوثائق اللازمة وظل الملفان الى حد اليوم في رفوف المجلس. وبعد فترة تجاوزت الاسبوعين بكثير أحالت وزيرة العدل تقرير التفقدية على المجلس الأعلى المنحل الذي مكّن مجلس القضاء العدلي من الاطلاع عليه وتعهيد قضاة مقرّرين للبحث في الملف وبعد استكمال أعمالهم انعقد مجلس التأديب بتاريخ 20 أوت 2021 وقرر أعضاؤه بالإجماع إيقاف الطيب راشد عن العمل في انتظار البت في ما ينسب إليه وإحالة الملف على أنظار النيابة العمومية لاتخاذ ما تراه صالحا من إجراءات عملا بأحكام الفصل 63 فقرة ثانية من قانون المجلس الأعلى للقضاء علما وان راشد قد تغيّب عن جلستين سابقتين الأولى بتاريخ 16 جويلية والثانية يوم 3 أوت 2021.
بعد الإحالة الفورية لملف الطيب راشد على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس ورغم قرار رفع الحصانة المسبق ومطالبة وكيل الجمهورية لقلم التحقيق بالاستماع إلى المشتكى به الطيب راشد كمتهم من اجل الارتشاء والتدليس وتبييض الأموال لازال الغموض يحيط بالملف الى حد اليوم وهناك تعتيم كبير على آخر المستجدات ومدى تقدّم الأبحاث فيه خاصة وأنها قضية محل متابعة كبيرة من الرأي العام ومن الساحة القضائية، هذا وقد طالبت جمعية القضاة وغيرها من الهياكل المهنية وممثلو المجتمع المدني وقضاة بضرورة اطلاع الرأي العام على مآل هذا الملف.