خطوة جاءت بعد سنوات من الانتظار إلا أنها لم تنه الجدل حول هذا الملف، مرّت اليوم سنة على عملية النشر ذكرى تجدّد معها الحديث عن غياب الإرادة السياسية الحقيقة والفاعلة في العمل على هذا الملف إلى النهاية.
يعتصم عدد من جرحى الثورة منذ أيام بمقر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان للتعبير عن تمسّكهم بإصدار مرسوم يخصّ جرحى وعائلات شهداء الثورة والانطلاق في تفعيله بالإضافة إلى مطالبتهم بتشريكهم في المؤسسة التي ستسهر على تطبيق هذا المرسوم.
بعد سنوات من الجدل حول ملف شهداء وجرحى الثورة والمنعرجات التي عرفها على مدى الحكومات المتعاقبة على تونس بعد الثورة قرّر رئيس الحكومة هشام المشيشي بتاريخ 16 مارس 2021 أن يأذن بنشر قائمة الشهداء والمصابين بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 20 من نفس الشهر، علما وأنه قبل سنة تقريبا فتح الملف من قبل اللجنة المختصة صلب البرلمان وتم الاستماع إلى المسؤولين عن الملف صلب حكومة يوسف الشاهد وانتهت النقاشات إلى أن القائمة لن تنشر إلى حين حلّ جملة من الإشكاليات أهمها وجود قائمة أخرى أعدتها هيئة الحقيقة والكرامة وتم الاتفاق على القيام باستشارة يشترك فيها جميع الأطراف المتداخلة لفضّ كل هذه الإشكاليات وبعد التحوير الحكومي تقرر نشرها بالرغم من موقف رئيس الجمهورية الذي يعتبر قائمة لجنة تقصي الحقائق لسنة 2011 القائمة الحقيقية.
قرار أسفر عن إقالة رئيس الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية توفيق بودربالة وتعويضه بتوفيق شرف الدين قبل أن يصبح وزيرا للداخلية، علما وأن الهيئة سالفة الذكر قد انهت أعمالها بضبط القائمة منذ 2018 وأحالت نسخة منها مصحوبة بتقرير مفصل على الرئاسات الثلاث زمن الباجي قائد السبسي على أمل ّأن يتم نشر القائمة لكن ذلك لم يحدث الأمر الذي جعل الهيئة تقوم بنشرها على موقعها الرسمي في 8 أكتوبر 2019.
خطوة اعتبرها عدد من الجرحى وعائلات الشهداء ايجابية وطالبوا بتفعيل مطالبهم من علاج وتنقل وغيرها وهناك من اعتبرها استغلالا للملف في اللعبة السياسية، واصفين القائمة بأنها منقوصة وعمل غير مرضي شكلا ومضمونا، في هذا الإطار تحدثنا مع علي المكي منسق حملة «سيّب القائمة الرسمية» بمناسبة مرور سنة على نشر القائمة فقال «وجه الشبه بين كل الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ الثورة إلى اليوم استعمال ملف شهداء الثورة ومصابيها لأغراضهم السياسية وحملاتهم الانتخابية ليعود إلى الرفوف عندما تنتهي حملاتهم، وكان منتظرا من رئيس الجمهورية بعد إعلانه عن موقفه بتبني قائمة 2011 خاصة وان جميع السلط بيده أن يقوم بإصدار مرسوم لتصحيح الخطإ التاريخي ورد الاعتبار لشهداء الثورة وجرحاها، فدماء الشهداء أهم بكثير من تاريخ 14 أو 17 لأن هذه التواريخ سجّلت بدمائهم، ننتظر من رئيس الجمهورية رسالة طمأنة وتصحيح للمسار لأن ما نلاحظه أن الإرادة الحقيقية للعمل على هذا الملف لا تزال غائبة ،علما وأن التظلم الذي تقدمنا به إلى الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية لم نتلقى ردّا عليه بالقبول أو بالرفض إلى حد اليوم».
من جهة أخرى تعهد القضاء الإداري اليوم بآلاف الطعون التي تقدم بها المصابون وعائلات الشهداء سواء بعد نشر القائمة على الموقع الرسمي للهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية أو بعد عملية النشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، مطالب لا تزالت إلى اليوم في الطور التحقيقي إلى حين استكمال الإجراءات وإصدار الأحكام اللازمة من قبل المحكمة الإدارية.