الساحة القضائية منذ فترة بعد قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء وإصدار المرسوم عدد 11 الذي سينبثق عنه مجلس مؤقت لم يتم تحديد فترته النيابية. في الوقت الذي يخوض فيه القضاة عديد التحركات الاحتجاجية الرافضة للهيكل الجديد وأعلن رئيس الجمهورية عن تمسّكه به ومواصلة استكمال المسار حسب ما ورد في المجلس الوزراء الأخير الذي تطرق فيه مرة أخرى إلى ضرورة «تطهير» القضاء.
نفذت جمعية القضاة التونسيين واتحاد القضاة الإداريين سلسلة من التحركات من إضراب ووقفات احتجاجية وحمل الشارة الحمراء خلال الجلسات بصفة مستمرة إلى حين استرجاع السلطة القضائية لاستقلاليتها وفق تعبيرهم وذلك بعد أن قرر رئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ أكثر من أسبوعين حلّ المجلس الأعلى للقضاء واصدر بتاريخ 12 فيفري الجاري للمرسوم عدد 11 المنظم للمجلس الأعلى للقضاء المؤقت الذي يترأسه الرئيس الأول لمحكمة التعقيب عوقد مّت حالة من الاحتقان في صفوف القضاة وعبّرت الهياكل المهنية الممثلة لهم عن رفضها الشديد والتام لهذه القرارات التي يهدف من خلالها رئيس الجمهورية إلى ما أسموه ابتلاع السلطة القضائية والسيطرة عليها بالكامل وهدم البناء الديمقراطي وتهديد للحقوق والحريات، وعبروا من خلال تحركاتهم الاحتجاجية عن تمسكهم بالمجلس المنحل باعتباره المجلس الشرعي على حد تعبيرهم أما عن المجلس المؤقت المنتظر تركيزه فقد وصفوه بالمنصب الذي سيخدم السلطة التنفيذية.
من جهة أخرى عبرت جل الهياكل المهنية للقضاة عن استعدادها لخوض كل الأشكال النضالية والتصعيد للدفاع عن السلطة القضائية وعن استقلاليتها وعدم الرجوع إلى ما قبل 2011 عندما كان القضاء خاضعا للسلطة التنفيذية وفق تعبيرهم موجهين نداءاتهم للأعضاء المعينين بالصفة والقضاة المتقاعدين المزمع تعيينهم لرفض هذه المهمة.
أمام هذا المشهد وحالة الاحتقان التي تسود الساحة القضائية منذ مدّة لم يجعل رئيس الجمهورية قيس سعيّد المجلس الوزاري الأخير يمرّ دون أن يتطرق مجددا إلى القضاء مجدّدا تمسكه باستقلاله، وفي إجابة مباشرة على رفض المجلس الأعلى للقضاء المؤقت من قبل الهياكل المهنية قال سعيّد صراحة « نرفض التدخل في القضاء لأن السلطة للشعب أما بقية السلط فهي نابعة من الإرادة الشعبية وهي وظائف يتحدث بعض القضاة عن مجلس شرعي وآخر غير الشرعي هناك مجلس واحد فقط ولا يمكن للقاضي أن يفعل ما يريد خارج أي رقابة فتطهير البلاد يقتضي تطهير القضاء وتطهير القضاء يقتضي أن يكون القضاء مستقلا ويعمل في نطاق القانون»
هذا وقد حمّل سعيد مجددا المسؤولية إلى القضاء في ما يتعلق بملف التمويلات الأجنبية لعدد من الأحزاب و ترتيب النتائج القانونية على تقرير محكمة المحاسبات في إسقاط عدد من القائمات خاصة وأن «لديهم الأرقام المتصلة بالأموال التي جاءتهم من الخارج « وفق قوله.
كما طرح مسألة تمويل الجمعيات من الخارج وقال «لا بد من اتخاذ نص يمنع تمويل الجمعيات من الخارج لأنها في الظاهر جمعيات الا انها في الحقيقة امتداد لقوى خارجية ولن نسمح أن تأتي هذه الأموال للعبث بالدولة التونسية أو القيام بالحملات الانتخابية تحت غطاء تمويلات أجنبية وتهريب الأموال عبر هذه الجمعيات»