تصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة بخصوص القضاء: قضاة يصفونها بأنها من وحي الخيال ويستنكرون صمت وزيرة العدل بصفتها قاضية

عاد الجدل مجدّدا حول التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال المجلس الوزاري الذي عقد مؤخرا والتي تحدّث

فيها باطناب عن القضاء وضرورة الفصل بين الوظائف لا السلط كما تطرق مرة أخرى إلى مسألة تعامل وكيل للجمهورية مع احد الإرهابيين المفتش عنهم من خلال توجيه استدعاء له عن طريق عدل منفّذ، وكانت كلّها نقاطا أثارت حفيظة عدد من القضاة الذين عبروا عن استياءهم من طريقة تعامل رئيس الجمهورية ووزيرة العدل مع ملف القضاء.
كان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد اصدر مؤخرا مرسوما يقضي بوضع حدّ للمنح والامتيازات التي يتمتع بها أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وتم نشره في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وقد أكد رئيس المجلس المذكور أن الأعضاء سيواصلون أعمالهم بقطع النظر عن المنح والامتيازات.
وقد تحدث رئيس الجمهورية خلال المجلس الوزاري الدوري الذي اشرف عليه مؤخرا عن ضرورة تطبيق النص القانوني من قبل الجميع ولا يمكن للمشرّع ان يتحوّل الى قاض ولا للسلطة التنفيذية ان تجلس على ارائك القضاة كما لا يمكن للقضاة ان يجلسوا على ارائك المشرّع وأمام القضاة الشرفاء مسؤولية ثقيلة في هذه المرحلة وفق تعبيره.
من جهة أخرى تحدث سعيّد عن فقه القضاء الذي قال أنه قد تحوّل في بعض الأحيان إلى فقه لتبرير الإرهاب مذكّرا في هذا السياق بواقعة كان قد تحدث عنها في مجلس سابق وهي قيام وكيل للجمهورية بتوجيه استدعاء عن طريق عدل منفّذ لإرهابي مفتش عنه، وهو ما أثار استنكار عدد من القضاة فهناك من اعتبرها قصّة من وجي خيال الرئيس الهدف منها تشويه القضاء وهناك من اعتبر أنه هذا الحديث ينمّ على جهل بالإجراءات لأن النيابة العمومية لا تتعامل في هذه الوضعيات مع عدول التنفيذ. للتذكير كما ان المجلس الأعلى للقضاء كان قد ردّ بطريقة غير مباشرة سابقا عن هذه النقطة حيث نبّه إلى خطورة ما اسماه محاولات تشويه القضاة والضغط عليهم.
من جانب آخر كان للاستشارة الوطنية نصيب في المجلس الوزاري وخاصة في علاقة بمسألة ما إذا كان القضاء في تونس يحقق العدالة المنشودة أم لا فقد عرض رئيس الجمهورية بعض الأرقام من بينها ان 89 % لا ثقة لديهم في القضاء وهذا مؤسف جدّا حسب تعبيره داعيا المجلس الأعلى للقضاء إلى ضرورة تطبيق القانون والالتزام بواجب التحفّظ في عديد الملفات، كما كانت جميع النقاط استغراب من عديد القضاة الذين تساءلوا عن صمت وزيرة العدل تجاه هذا الكم الهائل من الاتهامات التي تستهدف القضاء والقضاة خاصة وأن وزيرة العدل ليلى جفال قاضية في هذا السياق هناك من كتب «مؤسف أن تكون بصفتها قاضية عضدا في مشروع سلطة لا تؤمن أن القضاء سلطة...»
هذا وقد اعتبر البعض الآخر أن هذه التصريحات المتكرّرة الخطابات التي تتطرق إلى القضاء في كلّ مرة تسببت في توسيع فجوة الثقة وفي تدمير القضاء بدل تشخيص الوضع ووضع خطّة إصلاحية واضحة المعالم عن طريق فتح باب الحوار مع المجلس الأعلى للقضاء والهياكل المهنية للقضاة وكل الأطراف المتداخلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115