المسؤولية على عاتق القضاة في «تطهير» البلاد والقضاء على الفساد، كما زادت هذه الوضعية تشنّجا بعد أن أصدرت بعض الدوائر القضائية عددا من الأحكام في قضايا على غرار تلك المرفوعة ضدّ المنصف المرزوقي وبشرى بالحاج حميدة، الأمر الذي جعل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان تنتقد تلك الأحكام وتعبّر عن انشغالها من أن ينزلق القضاء التونسي الى التوظيف السياسي.
وقد تم مؤخرا اصدار حكم غيابي يقضي بسجن الرئيس الأسبق منصف المرزوقي لمدّة أربع سنوات مع النفاذ العاجل وذلك من أجل الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، بتعمد تونسي ربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها، أو كانت نتائجها، الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الديبلوماسية»، وهو ما أثار جدلا واسعا وقد لجأ لسان الدفاع إلى المجلس الأعلى للقضاء والتفقدية العامة بوزارة العدل للتشكي ضدّ النيابة العمومية وقلم التحقيق اللذين تعهدا بالملف.
أمام هذه الوضعية عبّرت الرابطة التونسيّة للدّفاع عن حقوق الإنسان عن خشيتها من انزلاق القضاء التونسي في التوظيف السياسي والاحتراب على السلطة، كما انتقدت ما اعتبرته تعمّد بعض الدوائر إصدار أحكام في زمن قياسي بخصوص بعض القضايا المنسيّة يعتبر الهدف منها استفزاز الرأي العام بنفض الغبار على بعض القضايا والفصل فيها في زمن قياسي على غرار ملف المنصف المرزوقي وملف الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات بشرى بالحاج حميدة والمدونة مريم البريبري، في المقابل تشهده التحقيقات تعطلا وبطء الإجراءات في ملفات الاغتيالات والاعتداءات الأمنية وفق نص البيان الذي جاء فيه أيضا أن الأوساط الحقوقية كذلك الشعب متعطشين إلى تلقي إشارات ايجابية تبعث عن الأمل في تخلّص القضاء التونسي من أثقال الماضي وتنقية الجسم القضائي من عناصر الفساد والانكباب على فتح الملفات الكبرى المتعلقة بالإرهاب والتسفير والاغتيالات السياسية وجرائم التمويل الخارجي للحملات الانتخابية».
وقد استهجنت الرابطة تلك الأفعال بقطع النظر عن المستفيد وعمن يقف وراء اصدار أحكام بهذه السرعة ونفض الغبار عن قضايا منسية معبّرة عن خشيتها من انزلاق القضاء التونسي في التوظيف السياسي مذكّرة بضرورة الناي بالسلطة القضائية عن التجاذبات الحزبية والسياسية وتوفير شروط المحاكمة العادلة ورفضها إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية.
من جهة أخرى تطرّقت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى مسألة إصلاح المنظومة القضائية الذي يجب أن ينطلق من محاسبة رأسي الفساد في إشارة إلى ملفي البشير العكرمي والطيب راشد وتفعيل تقرير التفقدية العامة مستنكرة ما يشهده هذا من تعطيل سيؤثر سلبا على فتح ملفات الفساد الكبرى من ذلك ملف الاغتيالات السياسية ووضع نهاية للاعتداءات الأمنية كالتعذيب والإفلات من العقاب وتفعيل أحكام دائرة المحاسبات وملفات التسفير والإرهاب، علما وأن القضايا المتعلقة بكلّ من وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي والرئيس الأول السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد لا تزال منشورة أمام النيابة العمومية بالقطب المالي وابتدائية تونس في انتظار استدعاء المعنيين بالأمر للمثول أمام التحقيق.