بعد تصريحات رئيس الجمهورية حول تقرير محكمة المحاسبات: تساؤلات واستغراب من صمت المجلس الأعلى للقضاء

عاد الجدل مرة أخرى حول السلطة القضائية وذلك على خلفية التصريحات الأخيرة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد في علاقة بتقرير محكمة المحاسبات

حول انتخابات 2019 ،تصريحات خلّفت ردود أفعال متباينة بين مؤيّد وبين من اعتبر ذلك تدخلا في القضاء ويهدّد استقلالية السلطة القضائية، من جهة أخرى هناك تساؤلات حول غياب المجلس الأعلى للقضاء وصمته تجاه ما يحدث.
للتذكير التقى رئيس الجمهورية قيس سعيّد مؤخرا مع كلّ من العميد الصادق بلعيد وأستاذ القانون أمين محفوظ وقد تناول هذا اللقاء بالنقاش مسألة النزاع الانتخابي وما تضمنه تقرير محكمة المحاسبات حول الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها ونتائج مراقبة الحملات الانتخابية ومراقبة مالية الأحزاب وقد تحدّث عن وجود تجاوزات أقرتها محكمة وفق تعبيره.
كما تطرق رئيس الجمهورية جملة من التجاوزات التي ثبتت لدى محكمة المحاسبات وإلى التأجيلات المتكررة لهذه القضايا وبطء الفصل فيها خاصة وان هذه التتبعات تسقط بعد مرور ثلاث سنوات ملمّحا إلى ضرورة التفكير في تصورات لحلحة هذه المسألة خاصة وأن الفصل 163 من القانون الانتخابي ينص على أنه إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشح أو القائمة قد تحصلت على تمويل أجنبي تحكم بإلزامها بخطية مالية تقدر 10 أضعاف و50 ضعفا لذلك التمويل ويفقد أعضاء القائمة عضويتهم بمجلس نواب الشعب ويعاقب المترشح لرئاسة الجمهورية لمدة خمس سنوات.
وقد أثارت التصريحات الكثير من الجدل حيث اعتبرت على سبيل المثال حركة «أمل وعمل» أن إمكانية لجوء رئاسة الجمهورية لإصدار مراسيم حول ملف التمويلات الأجنبية في علاقة بالحملات الانتخابية التشريعية والرئاسية السابقة لأوانها سنة 2019 لا يستقيم باعتبار أنّ التقرير الصادر عن محكمة المحاسبات لا يرقى إلى مستوى الأحكام القضائية، بل هو ناتج عن أعمال تفقدية شبيهة برقابة الإدارة ويمكن اعتباره تأسيسا لتتبعات جزائية.
هذا وقد أوردت الحركة في بيانها أنّ المحكمة متعهدة بالملف وما يقوم به رئيس الجمهورية من تساؤلات حول النتائج لا أساس له، وما يلمّح إليه ما هو إلا محاولة لتطويع القوانين لمصلحته الشخصية الضيقة وفق تعبيرها وقد تساءلت الحركة في بيانها عما إذا كان قيس سعيّد قد اتخذ بعين الاعتبار المخالفات الواردة بشأنه في تقرير محكمة المحاسبات، باعتباره مرشحا وردت حوله جملة من التجاوزات مما يجعل تصريحاته تمثل تضارب مصالح صارخ موضّحة في ذات السياق أنّ الدستور هو الوثيقة القانونية العليا، ولا يمكن إلغاؤه أو تعديله أو تعطيله بمراسيم رئاسية كما لا يمكن اتخاذ قرارات قضائية بالمراسيم ولو بعد الاستحواذ على السلطة التشريعية وفق نصّ البيان.
من جانب آخر ومنذ انطلاق الوضع الاستثنائي وفي كلّ مرة يتطرق فيها رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى القضاء ودوره في إنجاح المرحلة القادمة والدعوة إلى ضرورة فتح ملفات الفساد الخاصة بالقضاة وفصلها يطرح السؤال الجوهري «أين المجلس الأعلى للقضاء من كلّ هذا ولم لا يعبّر عن رأيه»؟ ،في هذا السياق عبّرت حركة أمل وعمل وعدد من القضاة ومن المتابعين للشأن القضائي عن استغرابهم من صمت المجلس الأعلى للقضاء تجاه تصريحات رئيس الجمهورية وما اعتبروه تدخلا سافرا في أعمال السلطة القضائية داعية هذا الهيكل إلى تحمل مسؤوليته في الدفاع عن استقلال القضاء وكرامة السادة القضاة.علما وأننا اتصلنا بالمجلس الأعلى للقضاء لرصد موقفه لكننا لم نتمكن من ذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115