في ظل الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد، من جهة أخرى يعتبر ملف هذه المؤسسة القضائية من بين الملفات القديمة المتجدّدة الذي تعاقبت عليه عديد الحكومات وفي كلّ مرة تطرح جملة يعاني منها الإشكاليات والمشاكل التي يعانيها القضاة سواء على مستوى النقص في الموارد البشرية أي الإطار القضائي أو على مستوى الإمكانيات اللوجستية والمادية وظروف العمل، في هذا الإطار أدّت وزيرة العدل ليلى جفّال زيارة ميدانية للقطب المذكور.
تم تركيز القطب الاقتصادي والمالي بمقتضى القانون الأساسي عدد 77 المؤرخ في 6 ديسمبر 2016 وهو مختص بالبحث والتتبع والتحقيق والحكم في الجرائم الاقتصادية والمالية المتشعبة على معنى هذا القانون وفي الجرائم المرتبطة بها وذلك في الطورين الابتدائي والاستئنافي ويقصد بالجريمة المتشعبة على معنى هذا القانون الجريمة الاقتصادية والمالية التي تتطلب إجراء أعمال استقرائية معمقة ودقيقة باستعمال وسائل تحر خاصة أو فنية تقتضي الاستعانة بخبرات متخصصة أو هياكل متعددة الاختصاصات أو اللجوء إلى تعاون قضائي دولي، وذلك بالنظر خاصة إلى تعدد المظنون فيهم أو المتضررين أو أماكن ارتكابها أو لامتداد أثارها أو حجم الأضرار المترتبة عنها أو لصبغتها المنظمة أو العابرة للحدود الوطنية.
وقد أدت وزيرة العدل ليلى جفّا أمس الثلاثاء 16 نوفمبر الجاري زيارة عمل إلى مقر القطب القضائي الاقتصادي و المالي وتأتي هذه الزيارة في إطار متابعتها لسير عمل عدد من المؤسسات القضائية وحرصا على إضفاء المزيد من النجاعة على أدائها والمساعدة على حل الإشكاليات التي تعترض عملها اليومي، وفق البيان الصادر عن الوزارة ،هذا وقد رافق جفّل في زيارتها كلّ من وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية و المدعي العام للشؤون الجزائية بوزارة العدل ورئيس المحكمة الابتدائية بتونس ووكيل الجمهورية لديها.
وقد تناول هذا اللقاء مختلف المسائل والمواضيع ذات العلاقة بالشأن القضائي الاقتصادي والمالي بغاية تجاوز الإشكاليات التي من شأنها أن تعيق سير عمل القطب. هذا وقد تحدّثت ليلى جفّال مع الإطار القضائي والإداري العامل فيه حول جملة الصعوبات التي تستوجب التدخل والمعالجة في اقرب الآجال، سواء بتعزيز الإمكانيات المادية و تحسين ظروف العمل أو عبر تعزيز الإطار العامل فيه،إلى جانب التفكير في مراجعة بعض المسائل الأخرى لمزيد تيسير العمل والحدّ من طول آماد الفصل،مشددة على ضرورة فرض علوية القانون.
من بين الإشكاليات التي ساهمت في بطء الفصل في قضايا الفساد المنشورة لدى القطب القضائي الاقتصادي والمالي غياب القسم الفني وعدم تركيزه منذ أكثر من خمس سنوات على سنّ القانون والذي خصّص له باب كامل يتضمّن سبعة فصول تمحورت حول المساعدين الفنيين وصلاحياتهم والذين يباشرون مهامهم تحت سلطة القضاة المباشرين بالقطب ويقومون بجميع ما يُطلب منهم من أعمال فنية ينهون نتائجها إليهم صلب تقارير تُضاف لملف القضية وتعتمد كورقة من أوراقه ويمكن للقاضي المتعهّد بالملف دعوة المساعدين الفنيين المختصين لحضور الأعمال الاستقرائية بمرحلتي التتبع والتحقيق لتنفيذ المهام ولتقديم الإيضاحات التي يطلبها منهم وذلك دون إمكانية توجيه أسئلة مباشرة شفاهية أو كتابية لمن يتم سماعهم ويمضي المساعدون الفنيون المختصون مع القاضي المتعهّد بالملف بكل صحيفة من محاضره المنجزة بحضورهم. علما وأن المجلس الأعلى للقضاء قد طالب في أكثر من مناسبة بتركيز هذا القسم.