يصدر قرارا في جوان المنقضي بإنهاء إلحاق القضاة العدليين في مناصب بمؤسسات الدولة من وزارات وإدارات وهيئات لا تستدعي وجود قاض ضمن تركيبتها، اليوم وبعد أشهر من ذلك القرار شهدت الساحة السياسية مؤخرا تشكيل الحكومة الجديدة وتم تعيين القاضية ليلى جفّال على رأس وزارة العدل وهو ما يفتح الباب للتساؤل لمَ لم يعرب المجلس عن موقفه من هذا التعيين تفعيلا لقرار إنهاء الإلحاق؟ رغم وجود بعض الانتقادات.
وقد شمل قرار إنهاء الإلحاق عشرات القضاة العدليين وقد وجد ترحابا كبيرا من قبل البعض من أهل الدار أو من المتابعين للشأن القضائي، كما وجد رفضا واستنكارا من قبل البعض.
وقد تزامن قرار مجلس القضاء العدلي بإنهاء إلحاق القضاة العدليين الذين يشغلون مناصب في رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والوزارات والهيئات التي لا تستوجب وجود قاض عدلي في تركيبتها وقد اصدر مذكرات تعيينهم بالمحاكم، مع إعفاء القاضي عماد بوخريص من رئاسة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتعيين زميله عماد بن طالب خلفا له وهو ما جعل البعض يعتبرون أن قرار إنهاء الإلحاق جاء كردّ فعل على ذلك ولكن
المجلس القطاعي كان له تعليل آخر بان قراره كان يهدف بالأساس إلى النأي بالسلطة القضائية عن جميع التجاذبات وإبعاد القضاة عن حملات التشكيك والتشويه ومحاولات الزجّ بهم في الصراعات السياسية، خاصة وأن إنهاء إلحاق قضاة بمناصب حكومية مطلب قديم متجدّد منذ سنوات.
وقد توجه أربعة من بين القضاة الذين شملهم قرار إنهاء الإلحاق إلى المحكمة الإدارية وقدّموا طعونا في الغرض وقد قضت الدائرة الاستئنافية بتاريخ 12 أكتوبر الجاري بمعدومية القرار الذي اتخذه مجلس القضاء العدلي لعدم وجود اثر قانوني باعتبار أن وضع إلحاق القضاة و إجراءاته لا زال منظما بقواعد وإجراءات قانون الوظيفة العمومية لسنة 1983 وأنّ إنهاءه طبق أحكام القانون المشار إليه أعلاه يقتضي أن يتمّ طبق صيغ محددة يكون للعون المعني وللإدارة الملحق لديها العون الحق في طلبه و إثارته. وأنّ مجلس القضاء العدلي -باتخاذه لقرارات في إنهاء الإلحاق- قد حلّ محلّ الأطراف المخوّل له قانونا ذلك وبالتالي خالف أحكام القانون. ولكن للمجلس الحق في استئناف هذا القرار.
من جانب آخر ورغم صدور قرار إنهاء الإلحاق عن مجلس القضاء العدلي تم تعيين قاضية على رأس وزارة العدل ضمن حكومة نجلاء بودن وهو ما أثار موجة من التساؤل حيث انتقدت منظمة «أنا يقظ» هذا التعيين واعتبرته مخالفا لقرار المجلس القطاعي المذكور، كما تساءل الكثيرون عن صمت المجلس تجاه هذه الخطوة. في محاولة لمعرفة الأسباب الكامنة وراء عدم إبداء مجلس القضاء العدلي أي موقف من تعيين قاضية وزيرة للعدل رغم القرار تبيّن وأن ملف الإلحاق لم يصل بعد إلى المجلس للنظر فيه، وهناك قراءة أخرى تقول بأن المسألة تزامنت مع الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد من جهة ومع قرار المحكمة الإدارية الذي رفض قرارات إنهاء الإلحاق في الطور الابتدائي من جهة أخرى وجد المجلس نفسه بين حرصه على تكريس ما يعتبره تحييد القضاة عن التجاذبات السياسية وبين وضع دقيق يتطلب استمرارية مؤسسات الدولة.