لكن إلى حد اليوم لم يصدر أي حكم في أي ملف من بين آلاف القضايا المنشورة، إذ تواجه هذه الدوائر جملة من الصعوبات والإشكاليات آخرها عدم اكتمال النصاب بسبب النقل والترقيات التي تمت في الحركة القضائية لهذه السنة الأمر الذي جعل عددا من الجمعيات توجه رسالة إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء وتعقد لقاء معه لحلّ المسألة.
يبلغ عدد الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية 13 دائرة تم تركيزها بمقتضى القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 والمتعلق بمسار العدالة الانتقالية وهي موزعة على محاكم الجمهورية وقد أحيلت عليها آلاف الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وذلك بعد التحقيق فيها من قبل هيئة الحقيقة والكرامة.
وقد حضرت الجمعيات الممضية على الرسالة الموجهة إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء وهي التحالف التونسي للكرامة ورد الاعتبار والشبكة التونسية للعدالة الانتقالية وجمعية الكرامةّ وجمعية إنصاف قدماء العسكريين وجمعية تونسيات ورابطة قدماء الاتحاد العام التونسي للطلبة وجمعية مناضلات تحدين القضبان وجمعية أمل المرأة والمرصد التونسي لأماكن الاحتجاز وجمعية إنجاز جلسة الدائرة القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 11 أكتوبر الجاري والتي لم تدم سوى أربع دقائق لعدم اكتمال النصاب وتم تأجيلها إلى جانفي المقبل هذا وبين الممضون أن هذه الوضعية نشأت منذ افتتاح السنة القضائية لهده السنة حيث لم يتم عقد أي جلسة نتيجة للحركة القضائية، وأمام هذه المسألة ثم تحولت الى مقر المجلس الاعلى للقضاء اين تمت مقابلة رئيسه يوسف بوزاخر وطرح الملف للنقاش وقد قدّم الحاضرون جملة من المقترحات لتجاوز بعض الصعوبات الراهنة التي تعيشها الدوائر المتخصصة بعد نقلة 28 قاضيا من بينهم رئيسا دائرتي تونس والقصرين
من جهته عبّر يوسف بوزاخر عن دعم المجلس الأعلى للقضاء لعمل الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية وحرصه على أن تستكمل هيئاتها وتستأنف أعمالها، وبالنسبة لمسألة النقل وتأثيرها على عمل تلك الدوائر أوضح بوزاخر أن من حق القضاة طلب النقلة أو الترقية مشيرا إلى أن باب الترشح مفتوح أمام القضاة للعمل بالدوائر حتى للذين تمت نقلتهم منها مؤكدا على أن المجلس يتجه إلى إحداث دائرة استئنافيه حالما تصدر أحكام ابتدائية.
هذا وقد طالبت الجمعيات في رسالتها إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء بضرورة التسريع في تعيين القضاة الجدد و العمل على ضمان استقرار قضاة الدوائر المتخصصة وتمكينهم من نفس الامتيازات التي يتمتع بها زملاؤهم في الأقطاب القضائية الأخرى، وضمان تدريبهم وتكوينهم المستمر، ومساعدة رؤساء المحاكم على وضع سياسات لإدارة المحاكم تأخذ بعين الاعتبار أولوية التعهد والبت في قضايا العدالة الانتقالية وفقا للقانون عدد 17 المؤرخ 12 جوان 2014
من جانب آخر توجد معضلة أخرى تقف عائقا كبيرا أمام حسن سير عمل الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية وهي غياب مرتكبي الانتهاكات الجسيمة عن جلسات المحاكمة وعدم تنفيذ بطاقات الجلب الصادرة في حقهم بتعلّة عدم توفر العناوين الصحيحة الأمر الذي دفع بعدد من الضحايا بمساندة ممثلين عن المجتمع المدني الى تقديم شكايات ضدّ عدد من أعوان وزارة الداخلية في عدم تنفيذ تلك البطاقات مما يكرّس لسياسة الإفلات من العقاب وتواصل تعثر مسار العدالة الانتقالية الذي انطلق منذ ثلاث سنوات.