مستشارون وقضاة وغيرهم جدلا كبيرا حيث تهاطلت سلسلة من ردود الأفعال المستنكرة والرافضة لهذا القرار والتي اعتبرت أنه يتعارض مع قضاة الأصل،على غرار اتحاد القضاة الإداريين الذي طالب في هذا الإطار بضرورة مراجعة المنظومة التشريعية. لمزيد من التفاصيل تحدثنا مع رئيسته رفقة المباركي.
ليس قرار رفض طعون تتعلق بالإقامة الجبرية الأول من نوعه في تاريخ القضاء الإداري ما بعد الثورة اذ توجد عديد القرارات المماثلة ورغم ذلك خلّف استياء كبيرا في صفوف أهل الدار أوّلا أي القضاة من أصناف مختلفة وغيرهم وقد وصل البعض إلى حدّ توجيه اتهامات إلى الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بأنه اصدر هذا القرار لغاية في نفس يعقوب خاصة وان البلاد تمر بوضع استثنائي.
كما اعتبرت رفقة المباركي رئيسة اتحاد القضاة الإداريين أن قرار رفض 11 طعنا للوضع تحت الإقامة الجبرية لا تلزم سوى الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بوصفه صاحب الاختصاص الحصري في مادة توقيف التنفيذ،مؤكدة على أنه من الضروري تعديل المنظومة القانونية الحالية في اتجاه إسناد هذا الاختصاص إلى رؤساء الدوائر الابتدائية على أن تكون القرارات الصادرة عنهم قابلة للطعن بالاستئناف طبقا لمبدإ التقاضي على درجتين المكفول دستوريا، وقالت في ذات السياق هذه المقترحات تم إدماجها صلب مشروع اتحاد القضاة الإداريين المتعلق بمجلة القضاء الإداري فنحن كهيكل نقابي يدافع عن استقلالية المحكمة الادارية وتاريخها المشرف نعتبر أنها قد حادت بهذا القرار عن دورها الأساسي بوصفها ضامنة للشرعية وحامية للحقوق والحريات.
هذا وأضافت المباركي لاحظنا خلال السنوات الأخيرة أن أحكام وقرارات المحكمة الإدارية أصبحت لا تتسم بالجرأة المطلوبة، بدءا بالنزاعات المتعلقة بالانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة حيث لمسنا تشددا مبالغا فيه في قبول الدعاوى من الناحية الشكلية بصفة جعلت المحكمة تحيد عن دورها في مراقبة صحة وشرعية الانتخابات، وصولا إلى الرأي الاستشاري الصادر بخصوص أزمة اليمين الدستوري للوزراء الجدد في الحكومة حيث رفضت المحكمة إبداء نظرها بهذا الخصوص معللة ذلك بأن المحكمة الدستورية هي الجهة المخول لها حصرا البت في هذه المسألة وهو ما يعد تراجعا عن فقه قضائها لسنة 2013 حينما اعتبرت أن المحكمة الإدارية تقوم مقام المحكمة الدستورية في ظل غياب هذه الأخيرة.
من جهة أخرى علّل الرئيس الأول للمحكمة الإدارية قراره بأنه لا توجد نتائج لا يمكن تداركها باعتبار أن المعنيّ بقرار الإقامة الجبرية يمكنه التنقل لقضاء حاجياته الأساسية، ولكن اتحاد القضاة الإداريين رأى أن القرار لا يعكس التوجه المعتمد لقضاة الأصل في عديد القضايا حيث استقر فقه القضاء على اعتبار أن الأمر عدد 50 لسنة 1978 الذي تستند إليه الإقامة الجبرية مخالف لمقتضيات الفصل 49 من الدستور الذي يقتضي أن الحد من الحقوق والحريات لا يكون إلا بموجب قانون، فضلا عن ذلك فقد اعتبر الرئيس الأول للمحكمة الإدارية أن قرارات الإقامة الجبرية أمر يتعلق بإجراء وقتي مرتبط بمدة حالة الطوارئ رغم أن هذه القرارات تمس من حرية التنقل ومن الكرامة الإنسانية وتترتب عنها في كل الأحوال نتائج يصعب تداركها نظرا لمساسها الخطير بالحقوق الحريات إذ أنها قرارات تناقش من الناحية القانونية بقطع النظر عن الوضع السياسي الراهن وفق تعبير رئيسة الاتحاد.