ظاهرة العنف في ملاعب كرة القدم: تكريس سلطة الواقع فأين سلطة القانون؟

الدليل واضح على أن ظاهرة العنف في ملاعبنا أخذت بكل أسف منعرجا خطيرا ولا يمكن تصور عواقبه لو استمرت الحال على ما هي عليه . ما شاهدناه الأحد الفارط في نهاية مقابلة الملعب التونسي ومستقبل المرسى يمثل دون منازع العلامة المفزعة على ذلك. ربما يصح القول

في هذا الإطار أن ذلك كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس و بينت جليا للجميع أن الأمر خرج كليا عن منطق و إطار الرياضة ..
ما وقع في نهاية مباراة الملعب التونسي و مستقبل المرسى كان لحظة لخصت عمق استفحال الظاهرة في ملاعبنا . الواقعة و التي نقلت صورها شاشات التلفزة جاءت بما لا يمكن أن نتصوره. لاعب (حارس المرمى) طريح الأرض و من حوله لاعبون ينهالون عليه ركلا و ضربا. أفادت الأخبار بعد ذلك أن الضحية كادت أن تصل حالتها إلى درجة الخطورة قبل أن تتمكن الإسعافات من تفادي الزيادة في التأزم.

العنف على المباشر ؟
انطلقت التعاليق والنقاشات بعد ذلك لتصبح المسالة وبسرعة موضوع الساعة . وقعت المطالبة بتتبع الفاعلين بدءا بإبعادهم عن الملاعب وصولا إلى تتبعهم جزائيا من اجل ما قاموا به (أو الذين يثبت انهم قاموا بذلك).
وقع الإعلان من هنا وهناك على قرارات في هذا الخصوص سواء من جهة الملعب التونسي أو من جهة مستقبل المرسى الذي ألح مسؤولوه على ضرورة التعهد القضائي للمسالة. عبر شق من الرأي العام عن طلبه الملح بتتبع الفاعلين أمام من يهمه الأمر قصد تحميلهم المسؤولية كاملة عما قاموا به. وكان هذا الموقف هو الغالب من لدن جميع الجهات. خصوصا فيما يتعلق بضرورة إبعاد المتورطين من اللاعبين عن الملاعب وبشطبهم نهائيا من ممارسة كرة القدم رغم ان هذه العقوبة غير موجودة حاليا في القانون المتعلق بالرياضة و إنما هنالك الفصل 43 من مجلة التأديب التي تتضمن عقوبة أقصاها الحرمان من اللعب في 12 مباراة.

المطالبة باتخاذ القرارات الصارمة
كل من عاين مشاهد العنف هذه اجمع على خطورة المسالة . لذلك تولي كل من أتيحت له إمكانية التعبير عن رأيه المطالبة باتخاذ قرارات صارمة في هذا الصدد و التي تتلخص حسب رأيهم في ضرورة ترك القانون يأخذ مجراه حتى لا يقع بعامل الوقت «تطبيع» الموضوع و«تعويمه» في الواقع.

أسئلة عديدة تطرح بإلحاح في هذا الصدد و تحديدا ما يتعلق بالجانب القانوني المترتب عما يقع تسجيله من ظواهر عنف داخل ملاعب كرة القدم. لا شك أن المسالة بحكم ارتباطها بواقع الرياضة و ممارستها تهم من هذه الزاوية بما يسميه فقهاء القانون النظام العام ، هذا بالإضافة إلى مساسه خصوصا في صور العنف اللفظي بالأخلاق الحميدة. المستقر قانونيا و إجرائيا انه من حق النيابة العمومية الإذن بالتتبع القضائي إذا ما وقع ارتكاب مخالفات من هذا القبيل والتي من شانها النيل من الأمن العام و من الحرمة الجسدية للأشخاص. أخر الأخبار أكدت ذلك و أفادت أن وكالة الجمهورية تعهدت بالملف وهو ما سوف يفسح المجال لتناول بعمق لما حدث و اغتاظ منه الجميع خصوصا و أن الأمر صادر عن لاعبين من المفروض أن يكونوا في منأى عن ذلك و أن يكرسوا بسلوكهم مقومات و أبعاد الروح الرياضية والقيم النبيلة لممارسة الرياضة.

الأيام القادمة سوف تتناول المسالة من زاويا مختلفة سواء علي مستوى الهياكل الرياضية المعنية أو على المستوي القضائي. في الأثناء ترتفع الأصوات بضرورة مراجعة القوانين في الميدان الرياضي حتى تكون أكثر ملاءمة مع الواقع المتقلب بطبعه والمنذر أحيانا بما هو مفزع مثلما وقع ذلك في نهاية مباراة الأحد الفارط.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115