بعد إطلاق سراح قاضية بالرغم من حالة التلبس بحيازة عملة أجنبية: مجلس القضاء العدلي يقرر إيقافها عن العمل ورفع الحصانة عنها في انتظار مآل الأبحاث

جدّت مؤخرا حادثة استأثرت باهتمام كبير من الرأي العام حيث تمكنت فرقة الحرس الديواني بالمنستير من ضبط مبلغ هام من العملة الاجنبية الاورو

بما قيمته 1.5 مليون دينار تونسي( على متن سيارة تقودها قاضية وبالتحري معها من قبل فرقة الابحاث والتفتيشات الديوانية بالمنستير أفادت بأنها كانت تعتزم نقلها على وجه الفضل لا غير وبعد استشارة النيابة العمومية الراجعة بالنظر أذنت بإطلاق سراحها والاكتفاء بتحجير السفر عنها وحجز سيارتها الى حين سماع صاحب المبلغ، قرار اثار جدلا واسعا استنكره العديد من المتابعين، وقد عقد مجلس القضاء العدلي من جهته جلسة عامة في الغرض وقرر رفع الحصانة عن القاضية محل التتبع وايقافها عن العمل.
يعتبر الفصل 104 من الدستور في باب السلطة القضائية واضحا وصريحا بخصوص تمتع القاضي بالحصانة وكيفية التعامل معه في حالة التلبس حيث ينصّ على أنه« يتمتع القاضي بحصانة جزائية، ولا يمكن تتبّعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه وفي حالة التلبّس بجريمة يجوز إيقافه وإعلام مجلس القضاء الراجع إليه بالنظر الذي يبتّ في مطلب رفع الحصانة».
نعود الى ملف القضية وحسب ما صرّح به العميد هيثم الزناد الناطق الرسمي باسم الديوانة التونسية فإنه وعلى إثر عمل استعلامي لمصالح الحرس الديواني بالمنستير حول شبكة تهريب للعملة الأجنبية تنشط بين الوسط الشرقي والحدود الجنوبية للبلاد التونسية, تمكنت دورية تابعة لفرقة الحراسة والتفتيشات الديوانية بالجهة على مستوى الطريق السريعة الرابطة بين الجم وصفاقس من ضبط سيارة خفيفة تحمل ترقيما تونسيا تقودها قاضية تتطابق مواصفاتها مع المعلومات المتوفرة حول الشبكة، وبإخضاع السيارة للتفتيش تم العثور على كيس يحتوي على مبلغ مالي هام من العملة الأجنبية تناهز قيمتها 1.5مليون دينار. واضاف الزناد أنه تم استنطاق المشتبه بها وذلك بحضور ممثل النيابة العمومية بالمنستير، حيث صرحت أنها كانت تعتزم نقل هذه المبالغ المالية إلى إحدى مدن الجنوب لفائدة بعض الأطراف التي تنشط في مجال تهريب العملة وقد تم تحرير محضر حجز في الغرض وتعهدت النيابة العمومية باستكمال الإجراءات القانونية مع المشتبه بها.
من جهتها افادت الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير والمهدية روضة بريمة في بيان لها أنه تم مؤخرا إعلام النيابة العمومية بضبط قاضية من الرتبة الأولى تعمل بإحدى محاكم الجمهورية التونسية خارج دائرة استئناف المنستير وبحوزتها مبالغ مالية هامة من العملة الاجنبية وقدرها اربع مائة وثمانية وثلاثون ألف وثلاثمائة وستون اورو (438 ألف و 360 اورو) و ستة و ثلاثين الف دينار و ثلاثمائة و ستون دينار(36 ألف و 360 د) من العملة التونسية و ذلك على مستوى مفترق الطريق السيارة الجم و مساكن وقد أذنت النيابة العمومية بإجراء الابحاث اللازمة للوقوف على مصدر الاموال و الاذن بحجزها وبسماع القاضية المعنية أفادت انها لا علم لها بمقدار المبلغ المالي و لا بطبيعته وقد تولت نقله على سبيل الفضل لا غير .هذا واوضح البيان أن الابحاث متواصلة إلى حين سماع صاحب الاموال المحجوزة و قد تم الاذن بحجز سيارة القاضية و تحجير السفر عليها و ابقائها في حالة سراح في انتظار استكمال الابحاث و الكشف على حقيقة مصدر الاموال و المعاملة الحاصلة بين الطرفين. وفي تصريح اذاعي لنفس المصدر اوضح بأن القاضية اخذت سيارتها لمحل تصليح السيارات لعطب ما فطلب منها صاحبه ان تردّ له الجميل وتقوم بنقل كيس بلاستيكي دون ان تعلم محتواه (لقاضية مشات تصلح في كرهبتها ياخي عمل عليها الميكانيسيان مزية وحشمها على روحها بش تهزلوا معاها ساك بلاستيك وهيا ما تعرفشي محتواه).تصريح خلف استياء كبيرا وانتقادات عدّة اذ هناك ما اعتبره عذرا اقبح من ذنب ،في حين وصفه البعض الاخر بأنها محاولة لإخفاء الحقيقة.
بمقارنة الروايتين لاحظنا أن الديوانة التونسية افادت بأن القاضية افادت بأنها كانت تنوي نقل الاموال الى اطراف تعمل في تهريب العملة بجهة الجنوب في حين ان بيان النيابة العمومية لم يشر الى ذلك وافاد بأن المعنية بالأمر التي تم القبض عليها في حالة تلبس لم تكن تعلم قيمة المبلغ ولا طبيعته وأنها كانت ستنقله على وجه الفضل، وهو ما خلف جدلا واسعا وردود افعال مستنكرة لاتباع سياسة النصرة القطاعية باعتبار أن النيابة العمومية بالمنستير قد أذنت بإطلاق سراح زميلة رغم حالة التلبس.
مجلس القضاء العدلي على الخطّ
على خلفية حادثة القاضية التي تم العثور لديها على مبلغ قيمته مليار ونصف بالعملة الاجنبية وذلك بعد ورود معطيات استعلاماتية على فرقة التفتيشات بالمنستير عن سيارة المعنية بالأمر وبعد استنطاقها لدى باحث البداية وافادتها بما تنوي فعله بذلك المبلغ اذنت النيابة العمومية بالمنستير اطلاق سراحها رغم حالة التلبس، عقد مجلس القضاء العدلي جلسة عامة عاجلة امس الاربعاء 11 اوت الجاري خصصها للنظر في هذا الملف وانتهت باتخاذ قرارات وصفت بالإيجابية ونقطة تحسب في سجلّ هذا المجلس القطاعي حيث تم ايقاف القاضية المعنية بالأمر عن العمل بالإضافة الى رفع الحصانة عنها لتسهيل عمل قلم التحقيق الذي سيتم تعهيده بهذا الملف بعد استكمال الابحاث الاولية فيه وسماع جميع الاطراف المعنية خاصة وأن هناك حديثا عن عصابة بأكملها مختصة في تهريب العملة، بعد رفع الحصانة لم تبق اية حجّة او عائق لاستنطاق القاضية امام قلم التحقيق واتخاذ الاجراءات اللازمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115