رئاسية فاجأت الجميع وهي تجميد البرلمان لمدة شهر قابل للتمديد ورفع الحصانة عن كلّ نوابه بالإضافة الى تنحية رئيس الحكومة وترؤس قيس سعيد للنيابة العمومية، قرارات اثارت جدلا واسعا وردود افعال مختلفة بين مؤيد ورافض وهناك من طالب المجلس الاعلى للقضاء بالتحرك.
القرارات التي اعلن عنها رئيس الجمهوية قيس سعيد في كلمته التي توجه بها الى الشعب التونسي بعد اجتماع بالقيادات الامنية والعسكرية جاءت تطبيقا للفصل 80 من الدستور التونسي الذي ينصّ على أنه لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب. ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.وبعد مضيّ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب.
على المستوى القضائي اثار قرار رئيس الجمهورية المتعلق بترؤسه للنيابة العمومية جدلا كبيرا على الساحة فهناك من اعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح وفي المقابل هناك من وصفه بالأمر الخطير جدّا تنتظر منه سلسلة من الإيقافات، وهناك من دعا سعيد الى مراجعة هذا القرار حتى لا تكون استقلالية القضاء في الميزان، هذا وقد تساءل عدد آخر من المتابعين من بينهم قضاة عن دور المجلس الاعلى للقضاء في هذه المرحلة داعين اياه الى التحرك والخروج عن صمته والدعوة الى اجتماع عاجل وتحمّل مسؤولياته فيما اسموه خروقات للدستور، في هذا السياق اتصلنا اكثر من مرّة برئيس المجلس المذكور يوسف بوزاخر لرصد موقفه حول ما يحدث ولكن دون إجابة، في المقابل علمنا أنا المجلس الاعلى للقضاء لم يجتمع بعد بخصوص هذه المسألة.
من جهة اخرى هناك انباء عن اجتماع الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بتونس صباح امس الاثنين 26 جويلية الجاري بوكلاء جمهورية محاكم تونس الكبرى وهي تونس 1 و تونس 2 ومنوبة وأريانة وبن عروس وخصص الاجتماع الطارئ لدراسة قرار رئيس الجمهورية المتعلق بتفويضه صلاحيات النيابة العمومية . في انتظار خروج المجلس الاعلى للقضاء عن صمته وتحديد موقفه من هذا القرار خاصة وأنه الضامن لحسن سير القضاء ومرفق العدالة بصفة عامة.
الهيئة الوطنية للمحامين عبّرت عن موقفها من خلال تصريح العميد إبراهيم بودربالة الذي اوضح فيه أن الهيئة قدمت مبادرة حوار منذ أكثر من 6 أشهر لكنها لم تر النور، معتبرا أن الحلول بالنسبة للمسار السياسي يجب أن تكون بالتوافق.
وقد اعتبر أن قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد بخصوص ترؤسه للنيابة العمومية ووضعها تحت إشرافه المباشر المعنى الأول من هذا القرار هو المجلس الأعلى للقضاء الذي عليه أن يبين موقفه من هذا القرار خاصة أن أعضاء النيابة العمومية لهم صفة القاضي وهم أعضاء في المجلس الأعلى للقضاء.
أما بالنسبة لبقية الإجراءات التي اتخذها سعيد، فقد علق بودربالة قائلا إن الإجراءات التي وقع اتخاذها يجب أن تكون بصورة عقلانية مع تغليب المصلحة العليا للوطن وجعلها فوق كل اعتبار والرجوع إلى الحوار بين الأطراف الفاعلة والتي لها شرعية دستورية لإيجاد حل لهذا الوضع معتبرا أن ما قام به رئيس الجمهورية إجتهاد، يمكن تصويبه عند التطبيق بالحوار بين كل الأطراف وفق تعبيره.