عشر سنوات على اندلاع الثورة: السلطة القضائية لا زالت تبحث عن طريقها نحو الاستقلالية والإصلاح

كان استقلال القضاء وإصلاح المنظومة القضائية عامة من بين أبرز أهداف الثورة التي اندلعت للقطع مع الماضي ووضع حد لعقود من الاستبداد ومحاولات تركيع السلطة القضائية،

هذه السلطة التي تلعب دورا هاما ومحوريا في مكافحة الفساد ومحاسبة المجرمين والفاسدين وتطبيق القانون وفرض علويته. اليوم وقد مرت عشر سنوات على اندلاع شرارة الثورة يطرح السؤال: هل وجد القضاء طريقه نحو الإصلاح والاستقلالية؟
خصص الدستور الجديد بابا كاملا للسلطة القضائية حيث نص الفصل 102 منه صراحة على أن «القضاء سلطة مستقلة تضمن إقامة العدل وعلوية الدستور وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات. والقاضي مستقل ولا سلطان عليه في قضائه غير القانون».

والقضاء المستقل والنزيه يعتبر ركنا اساسيا من أركان بناء دولة القانون والمؤسسات وضمان استمرارها، باعتباره الجهاز المكلف بضمان الحقوق والحريات وفض النزاعات بين الناس بكل حياد واستقلالية حفاظا على السلم الاجتماعي وتكريس الشعور بالاطمئنان والمواطنة، هذه الأهداف لا بد لها من مناخ مناسب وإصلاحات على المستوى التشريعي والواقعي.
منذ اندلاع الثورة والى حد اليوم سنت الحكومات المتعاقبة عديد التشريعات ذات العلاقة بالسلطة القضائية إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة نذكر منها على سبيل المثال نيل لقب الاستقلالية من الدستور بالإضافة إلى القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي المنظم للمحكمة الدستورية، ترسانة قانونية اعتبرت خطوة في الاتجاه الصحيح ليبقى الأهم مدى تطبيقها على أرض الواقع على امتداد العشر سنوات المنقضية.

بالنظر إلى مسار إصلاح المنظومة القضائية عرف هذا المسار الكثير من العثرات في عديد النقاط ولئن يعتبر تركيز المجلس الأعلى للقضاء لبنة في هذا المسار إلا أنه بقي مبتورا ولم يخرج من الوضع المؤقت إلى الوضع الدائم خاصة وأن المحكمة الدستورية لم ترس بعد رغم دورها المحوري في إنجاح الانتقال الديمقراطي وقد بقيت رهينة التوافقات والحسابات السياسية علما وان قانونها مصادق عليه منذ جويلية 2015.

من جهة أخرى يخوض -اليوم- القضاء معركة من أجل المطالبة بإصلاحات جذرية للسلطة القضائية خاصة على مستوى البنية التحتية للمحاكم التي اقل ما يقال عنها أنها كارثية والصور التي نشرت مؤخرا لعدد من محاكم الجمهورية أبلغ من كل الكلمات، اضراب تواصل شهرا تقريبا طالبت خلاله الهياكل المهنية للقضاة بتوفير ابسط ظروف العمل المريح واللائق خاصة وأن البلاد تعيش وضع صحي استثنائي بسبب فيروس كورونا المستجد والكرة اليوم في ملعب الحكومة التي لا زالت صامتة تجاه هذا الملف الأمر الذي جعل القضاة يتمسكون بمواصلة التحركات لمدة تجاوزت الاسبوعين قبل رفعه مؤخرا آملين في الاستجابة لمطالبهم.
هذا المشهد القاتم الذي تعيشه السلطة القضائية أنها نتيجة لغياب الإصلاح على أرض الواقع منذ عشر سنوات مما أدى إلى حالة من الانفجار والانفلات والفوضى وقد جعل القضاة يخرجون عن صمتهم، عشر سنوات مرت وما تحقق للقضاء قطرة في بحر ولا زالت السلطة القضائية تبحث عن طريقها نحو الاستقلالية والإصلاح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115