حول الأمر الرئاسي الترتيبي المتعلق بإحداث لجنة لاسترجاع الأموال المنهوبة: مخالفة إجراء الاستشارة الوجوبية المسبقة للمحكمة الإدارية

صدر مؤخرا في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الامر الرئاسي عدد 112 المؤرخ في 22 اكتوبر 2020 والمتعلق بإحداث لجنة خاصة برئاسة الجمهورية لاسترجاع

الأموال المنهوبة الموجودة في الخارج والذي يتضمّن ستة فصول تتمحور حول تركيبة اللجنة ومهامها،هذه الوثيقة اثارت جدلا قانونيا يتعلق بعدم استشارة المحكمة الادارية مسبقا وذلك طبقا للقانون المنظم لها ولمزيد التفاصيل تحدثنا مع عماد الغابري رئيس وحدة الاتصال بالمحكمة المذكورة.

ويأتي احداث هذه اللجنة تطبيقا لما قرّره رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ سبتمبر المنقضي عندما استقبل وزيرة املاك الدولة والشؤون العقارية ليلى جفال وتم فيه التطرق الى ملف الاموال المنهوبة ،كما طالب بضرورة تطبيق القانون على الجميع مؤكدا على انه سيتم الوقوف ضد كلّ من يعبث بأموال الشعب والتصدي له بالقانون من أجل وقف النزيف الذي ينخر الدولة التونسية منذ عقود وفق تعبيره.

وقد أفاد عماد الغابري رئيس وحدة الاتصال بالمحكمة الادارية في تصريح لـ«المغرب» أنه لم يرد على الدوائر الاستشارية بالمحكمة الادارية اي مقترح ترتيبي من رئاسة الجمهورية في خصوص الامر الرئاسي عدد 112 المؤرخ في 22 اكتوبر 2020. كما قال في هذا الاطار ان اسناد المشرع للقاضي الاداري وظيفة استشارية بخصوص الاوامر الترتيبية او غيرها من النصوص يهدف بالأساس الى تنقية تلك النصوص من عيوب الشرعية والى تحسين الصياغة و اللغة القانونية فيها.وقد طورت المحكمة فقه قضاء استشاري فيه عدة مبادىء و قواعد في نسج النصوص الترتيبية يسير على هديه واضع تلك النصوص وبالتالي ارى ان الامر الترتيبي المذكور الصادر عن رئيس الجمهورية خالف اجراء الاستشارة الوجوبية السابقة للمحكمة الادارية خاصة وأن احكام الفصل الرابع من القانون عدد 40 لسنة 1972 المتعلق بالمحكمة الادارية تنص صراحة على انه:» تقع استشارة المحكمة الادارية وجوبا بشان مشاريع الاوامر ذات الصبغة الترتيبية.» ولكن قد يكون هناك خطأ في قراءة الصلاحيات الترتيبية لرئاسة الجمهورية بعد التوزيع الجديد لهذه السلطة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية والتي تحكم صيغها قواعد القانون الاداري،لذا ينبغي الانتباه لهذا المعطى حتى لا تكون الاوامر الترتيبية الصادرة عن رئيس الجمهورية في هذا المجال مخالفة للشرعية.

وفي رده على تصرف المحكمة الادارية تجاه هذا الخطأ علّق الغابري فقال القضاء الاداري له وظيفة استشارية يباشرها طبق القانون .وهذه الوظيفة يتعهد بها كلما طلبت الجهة الادارية منه ذلك وفي الحالات التي يحددها القانون .وبالتالي الجهة فإن الادارية او الحكومية هي المسؤولة على احترام هذا الاجراء من جهة ومن جهة اخرى للطرف المعني بأحكام الاوامر الترتيبية حين الطعن فيها ان يثير مخالفة هذا الاجراء الوجوبي والقاضي الاداري كقاضي شرعية له الكلمة الفصل في هذا الخصوص.

من جهة اخرى عبّر وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الاداريين عن استغرابه من إصدار الامر الرئاسي المذكور سلفا دون استشارة المحكمة الادارية واعتبر أنّ يتعلق بخطإ اتصالي جديد لرئاسة الجمهورية ،حيث كتب في تدوينة على صفحته الخاصة جملة من الأخطاء والخروقات القانونية يرتكبها رئيس الجمهورية قيس سعيد ومساعدوه بإصدارهم لأمر رئاسي (ترتيبي) تحت عدد 112 لسنة 2020 يتعلق بإحداث لجنة خاصة برئاسة الجمهورية لاسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج، لكم أن تطلعوا على المرسوم عدد 15 لسنة 2011 لتتثبتوا من المسألة، بالإضافة إلى أن اطلاعات الأمر الرئاسي لا تفيد بأنه تمت استشارة رئيس الحكومة في هذا الشأن لا سيما وأن اللجنة تتكون من وزراء هم تحت السلطة الرئاسية لرئيس الحكومة بمن فيهم المكلف العام بنزاعات الدولة (إدارة عامة داخل وزارة أملاك الدولة)، كما لا تفيد الاطلاعات بأنه تم عرض الأمر الرئاسي الترتيبي على الرأي الوجوبي والمسبق للمحكمة الإدارية.ثم أنّ كامل المسألة من مشمولات رئيس الحكومة ولا دخل لرئيس الجمهورية فيها من الناحية القانونية حسب صريح المطة الثالثة من الفصل 92 من الدستور.

وبالعودة الى الامر الرئاسي فإن اللجنة المنتظر اجتماعها في غضون شهر من صدور هذه الوثيقة تتكون من الوزيرة مديرة الديوان الرئاسي أو من ينوبها ووزير العدل أو من ينوبه ووزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار أو من ينوبه ووزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية أو من ينوبها ومحافظ البنك المركزي أو من ينوبه والمكلف العام بنزاعات الدولة أو من ينوبه ويترأسها وزير الشؤون الخارجية او من ينوبه،هذا وترفع اللجنة كلّ ثلاثة اشهر تقريرا الى رئاسة الجمهورية حول نشاطها وتقدم اشغالها كما أنه لها ان تستدعي كل من ترى فائدة في حضوره للمشاركة في اعمالها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115