ولا تكون مفتاحا للإفلات من العقاب والمحاسبة أمام القضاء، ولكن يبدو أن هناك من استغل تلك النصوص القانونية لتحصين نفسه من المحاكمة في قضايا تتعلق بشبهات فساد أو رشوة أو تحرّش وغيرها خاصة في صفوف النواب خلال المدة النيابية السابقة أو خلال المدة الحالية.
للتذكير وفي ذات السياق تطرّق رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى موضوع الحصانة في لقائه مع كلّ من رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير العدل محمد بوستة وقال سعيد» إن الحصانة لم توضع إلا لضمان استقلالية من يتمتع بها، لا للتنصل من المساءلة أو الجزاء. فقد أقرها القانون سواء أكانت برلمانیة أو قضائية بهدف ممارسة من یتمتع بها لوظائفه بكل استقلالیة لا أن یتعلل أو یتمسك بها للإفلات من المحاسبة والجزاء مشدّدا أنه لا أحد فوق القانون وليس لأحد له أن یتحصن أو یعتصم بنصوص وضعت لضمان استقلالیته لا لضمان إفلاته من تطبیق القانون.
ينصّ الفصل 104 من الدستور في الباب الخامس منه المتعلق بالسلطة القضائية على أن « يتمتع القاضي بحصانة جزائية، ولا يمكن تتبعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه، وفي حالة التلبس بجريمة يجوز إيقافه وإعلام مجلس القضاء الراجع إليه بالنظر الذي يبت في مطلب رفع الحصانة». لمزيد من التفاصيل حول كيفية تعاطي المجلس الأعلى للقضاء مع ملف الحصانة ومطالب رفعها تحدثنا مع وليد المالكي عضو مجلس القضاء العدلي الذي أكد على أن المجلس تلقى خلال الفترة 2019 - 2020 62 مطلبا لرفع الحصانة عن قضاة وقد اتخذ قراره في ثلاثين ملفا 25 منها بالقبول ورفض خمسة منها بالإضافة إلى إرجاء النظر في ملفين موعد لاحق أما بقية الملفات وعددها ثلاثين ملفا فهي في انتظار تعيين موعد جلسة،علما وان الجلسات من هذا النوع مستمرة ويتضمنها جدول أعمال المجلس كل مرة ،هذا وبيّن المالكي أن المجلس الأعلى للقضاء ليس لديه أي إشكال في الغرض إذ يتعامل مع هذا الملف بكل موضوعية وشفافية وفق تعبيره.
أما عن أنواع القضايا التي ترد بشأنها مطالب في رفع الحصانة عن قضاة اغلبها (بنسبة 80% أو أكثر) تتعلق بحوادث مرور والبقية بملفات شيكات دون رصيد ولا توجد مطالب تتعلق بقضايا رشوة أو فساد وفق ما أكده المالكي.
من جهة أخرى يبدو أن الأمر يختلف بالنسبة للحصانة البرلمانية،إذ يواجه القضاء صعوبة في مواصلة أعمال البحث والتقصي في ملفات تتعلق بنواب في شبهات فساد ورشوة وتحرّش بسبب عدم رفع الحصانة عندهم من قبل اللجنة المختصة صلب مجلس نواب الشعب الذي يبدو وانه متمسّك بعدم الإفصاح عن القائمة الاسمية للنواب الذين وردت فيهم مطالب رفع حصانة متعلّلا بان الملفات التي ترد عليه فارغة وأن المسألة إجرائية وعليه لا يمكنه رفع الحصانة،في المقابل هناك نواب يتمسكون بها وآخرون يرفعونها عن أنفسهم وفق ما أفاد به أحمد المشرقي رئيس ديوان رئيس البرلمان الذي قال أيضا «الحصانة للنائب لا تعني انه يفعل ما يريد وكيفما يريد ومتى يريد».
نعود إلى النصوص القانونية فقد نصّ الفصل 68 من الدستور في باب السلطة التشريعية على انه «لا يمكن إجراء أي تتبع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو بمجلس نواب الشعب، أو إيقافه، أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها، أو أعمال يقوم بها، في ارتباط بمهامه النيابية».أما الفصل 69 فجاء فيه أنه «إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة، فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة. أما في حالة التلبس بالجريمة فإنه يمكن إيقافه، ويُعلَم رئيس المجلس حالا على أن ينتهي الإيقاف إذا طلب مكتب المجلس ذلك» هذا الفصل الأخير عند قراءته والتمعن فيه نجد أنه حتى في صورة التلبس وإيقاف النائب المعني فيمكن إطلاق سراحه بمجرد أن يطلب مكتب المجلس ذلك دون أي مبرّر إلى أن تنتهي هذه الحصانة بانتهاء المدة النيابية للنائب المتمسك بها وبالتالي طال الزمان او قصر ستتم محاكمته تبقى المسؤولية أمام الشعب وأمام التاريخ .
المجلس الأعلى للقضاء: رفع الحصانة عن 25 قاضيا من بين 62 مطلبا والبرلمان يختار المماطلة
- بقلم نورة الهدار
- 09:44 26/09/2020
- 1661 عدد المشاهدات
الهدف من الحصانة والتي نصّ عليها دستور جانفي 2014 سواء أكانت برلمانية أو قضائية هي: أن يتمتع صاحبها بالاستقلالية في أدائه لوظائفه