بعد المصادقة على مقترحي تعديل قانون المحكمة الدستورية: البحث عن التوافق لضمان الحل التشريعي

في الوقت الذي طلب فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال الياس الفخفاخ من البرلمان عقد دورة استثنائية من اجل استعجال النظر

في مشروع قانون يتعلق بالتنشيط الاقتصادي خاصة في ظلّ جائحة كورونا هناك ملفات أخرى لا تقلّ أهمية تنتظر مجلس نواب الشعب وقد طال انتظارها نتحدّث هنا عن المحكمة الدستورية التي مرّت أكثر من خمس سنوات على سنّ القانون المنظم لها ولكنها قبرت في قبة البرلمان نتيجة استحالة التوافقات بين الكتل النيابية التي كانت تسقطها في كلّ مرّة ،كثرت الأصوات المطالبة بضرورة تركيز هذه الهيئة القضائية الدستورية مما دفع لجنة التشريع العام إلى النظر في مبادرتين تشريعيتين لتنقيح القانون عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المنظم للمحكمة الدستورية كطريق آخر يضطرّ البرلمان إلى السير فيه لحلحلة الملف.
للتذكير تم تأجيل أولى الجلسات العامة للبرلمان الحالي من اجل انتخاب نصيبه من أعضاء المحكمة الدستورية وذلك بسبب الفوضى وحالة الاحتقان بين حركة النهضة والدستوري الحرّ التي سادت الجلسة.
الكتل البرلمانية وبإذن من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي في مارس 2020 بعقد جملة من جلسات التوافق وقد توصلت إلى نتيجة بضبط قائمة اسمية بالمرشحين المتفق عليهم ولكن تم تأجيل الجلسة العامة إلى موعد لم يحدّد بعد،علما وان اللجنة الانتخابية قد تلقت جملة من الملفات وبعد أن قامت بدراستها تم قبول ثماني ترشيحات ،في المقابل رفض ملف وحيد مع سحب ثلاثة مطالب ترشح.وبالرجوع إلى مسار التوافقات التي تعتبر بطاقة العبور الأولية للمحكمة الدستورية في طريق تركيزها الفعلي فقد اتسمت بالفشل منذ البداية إما لعدم تقارب وجهات النظر أو لعدم التوصل إلى توافقات وتسقط منذ الوهلة الأولى لانطلاق الجلسة العامة وهو دليل على هشاشتها وأنها مبنية على مصالح حزبية وحسابات سياسية ضيقة وان الكتل البرلمانية تأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلاد بل مصالح أحزابها، نقطة مضيئة وحيدة تحتسب للبرلمان في ملف المحكمة الدستورية هو نجاحه في انتخاب عضو وحيد في جلسة مارس 2018 وهي السيدة روضة الورسيغني، أما باقي الجلسات فكان عنوانها «الفشل الذريع» والكرة اليوم في ملعب البرلمان الحالي للخروج من هذه الأزمة من خلال طريق التوافقات.

لجنة التشريع العام من جهتها استكملت مؤخرا أعمالها المتعلقة بمناقشة مبادرتين تشريعيتين تتعلقان بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 ،وفي هذا الإطار صادقت على تقريرها الختامي وإحالته على مكتب البرلمان من اجل تحديد موعد جلسة عامة للتصويت عليه بعد العودة من العطلة البرلمانية.
وبالعودة إلى المبادرتين فالأولى كانت من وزارة العدل تهمّ بتعديل النقطة المتعلقة بعدد الأصوات بهدف الحطّ منها حتى يتمكن المرشحون من الحصول على الأغلبية،أما المقترح الثاني فقد تقدم به عدد من نواب مجلس الشعب ويعلق أساسا يتعلق بسحب كلمة «تباعا» من الفصل العاشر المنظم لهذه الهيئة الدستورية التي أثارت جدلا واسعا وبالتالي لم يعد هناك داع للالتزام بالترتيب المنصوص عليه في ذلك الفصل ويمكن إعطاء الأولوية إلى رئاسة الجمهورية أو المجلس الأعلى للقضاء في تعيين نصيبيهما من أعضاء المحكمة الدستورية في انتظار توصّل الكتل النيابية إلى توافقات جدّية وصلبة.
وفي ظلّ هذا الوضع الذي لم يعد يحتمل سواء على الساحة القضائية التي بقيت في الوضع المؤقت بسبب التأجيل المستمر لهذا الملف دون مبرّر مقنع أو على مستوى المجتمع المدني الذي يحمّل الطبقة السياسية مسوؤولية هذا التعطيل لذلك فإن الكتل االبرلمانية وخاصة بعد المصادقة على مقترحي التعديل ستجد نفسها بين مطرقة التوافقات وسندان الحلّ التشريعي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115