بالنسبة لجمعية القضاة التونسيين التي وصفت الأمر بالخطير وأن المجلس قد أفرغ تلك الدوائر من أعضائها وهو ما سيؤثر سلبا على سير المحاكمات ولمعرفة موقف مجلس القضاء العدلي من هذه المسألة تحدثنا مع احد أعضائه وليد المالكي.
بالعودة إلى تاريخ الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية نذكر أنه قد تم إحداثها بموجب الفصل الثامن من القانون الأساسي عدد 53 المتعلق بالعدالة الانتقالية لتتعهد بقضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد المالي إضافة الى تزوير الانتخابات. هذا وقد تم في 2014 تركيز 13 دائرة موزعة على عديد المحاكم في الجمهورية لتتولى الهيئة الوقتية للقضاء العدلي في نوفمبر 2015 تسمية قضاة لهذه الدوائر وبعد حوالي السنتين تقريبا تولى مجلس القضاء العدلي تسمية القضاة بتاريخ 4 و5 ديسمبر 2017، لتنطلق الدوائر المتخصصة في عملها الفعلي بتاريخ 20 فيفري 2018 وتكون أولى الملفات المحالة عليها في مارس من نفس السنة وتحديدا على الدائرة المختصة بابتدائية قابس قضية اختفاء كمال المطماطي.
تحدثت جمعية القضاة التونسيين في بيانها الصادر مؤخرا عن جملة من النقاط من بينها تفكيك الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية للمرة الرابعة وذلك بإفراغها من أعضائها الذين تلقوا تكوينا في الغرض سواء بصفة كلية أو بصفة جزئية دون تحسب للنتائج الخطيرة لهذه الخطوة بما سيؤدي إلى تعطل المحاكمات رغم تعهد مجلس القضاء العدلي والمجلس الأعلى للقضاء بدعم هذا القضاء المتخصص وإيجاد السبل الكفيلة بضمان استقرار قضاته مع تمكينهم من حقهم في الترقيات المهنية المستحقة وعدم التفريط في ما بُذل من مجهود وصرف من مال عام لتكوين القضاة المعينين بتلك الدوائر.
من جهته لم يعتبر مجلس القضاء العدلي إن هناك خطرا في عمليات النقل والترقيات التي شملت بعض الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية وقال وليد المالكي في هذا السياق «مجموع القضاة الموجودين في الـ13 دائرة هو 91 قاضيا من مختلف الرتب أي بمعدل سبعة قضاة في كلّ دائرة (رئيس الدائرة+4 مستشارين +2 معوضين) ،كما ان مجموع القضاة العاملين بالدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية والذين شملتهم النقل والترقيات في الحركة الحالية هم 29 قاضيا من بين 91 أي بنسبة 31.86% ،ولم تشمل الحركة أي رئيس دائرة جنائية بهذه الدوائر المتخصصة»
هذا وقدّم وليد المالكي عضو مجلس القضاء العدلي أمثلة على بعض النقل والترقيات والخطط التي تمت خلال الحركة السنوية فقال»تمت نقلة قاضية من صفاقس إلى سوسة ،كما تمت ترقية قاض آخر من محكمة صفاقس أيضا علما وأن القاضية لها الأولوية عند فتح الشغورات المتعلقة بالدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية باعتبارها متكوّنة مسبقا،هذا وقد تم أيضا ترقية وإسناد خطط لثلاث قضاة من نفس الدائرة وفي نفس المحكمة بما يجعلهم يواصلون أعمالهم في الدوائر المتخصصة ،بالإضافة إلى 8 قضاة تمت نقلتهم من محكمة إلى محكمة أخرى فيها دائرة متخصصة في العدالة الانتقالية وبالتالي فقد تم فعليا ترقية ونقلة وإسناد خطط إلى 15 % فقط ،وهنا للأسف نعود الى نقطة مهمة وهي السلطة الترتيبية التي لم يساندنا فيها المجتمع المدني القضائي ولم يناضل معنا من اجلها».
ومن جانب آخر أكد المالكي أن نشر قائمة الشغورات في الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية والإعلان عن فتح باب الترشحات سيكون قبل العودة القضائية اي ما بين 10 و 12 سبتمبر وستتم الأمور في ظرف أسبوعين تقريبا ليكون القضاة جاهزين لتلقي التكوين في مستهل شهر اكتوبر المقبل وفق قوله.