بسبب التأخر في تلخيص الحكم في القضية المتعلقة بإلغاء قرار مصادرة أموال رجل الأعمال مروان المبروك جدلا واسعا على الساحة القضائية فقد عبرت جمعية القضاة عن استنكارها لما للتتبعات ضدّ القضاة رغم تمسكها المبدئي بخضوع المؤسسة القضائية كغيرها من المؤسسات للمساءلة والشفافية طبق القانون وفي نطاق احترام استقلالية السلطة القضائية ،من جهته رأى المجلس الأعلى للقضاء أن المسالة تأديبية بالأساس.
نبّهت جمعية القضاة التونسيين إلى مسألة التسرّع في القيام بالتتبعات مبيّنة أنها يجب أن تخضع لمبدإ التناسب بين أية اخلالات مزعومة والعواقب الوخيمة والخطيرة للحملات الإعلامية التي ترافقها وتأثيرها على سمعة القاضي حيال شكايات يتضح لاحقا أنها غير لا أساس وفق نصّ البيان.
من جهة أخرى شدّدت الجمعية على القول بأن التسرع في رفع شكاية ضد أحد قضاة المحكمة الإدارية وفي الإعلان على تهم خطيرة تجاهه على خلفية التأخير في تلخيص حكم دون أي تنسيب ودون وضع للمسألة في إطارها الواقعي في ارتباطه بظروف العمل القضائي وبالتأخير العام في تلخيص الأحكام ومنها تلك التي تقع تحت المسؤولية المباشرة للرئيس الأول للمحكمة عمل من شأنه الإجحاف في حقوق قضاة الذين يعلمون بنزاهة بإصدارهم لأول حكم يصدر على المحكمة الإدارية يقر شرعية مرسوم المصادرة ومطابقته للدستور ولاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المصادق عليها بالقانون عدد 16 لسنة 2008.
بناء على ما أكده للمكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين من معطيات نلاحظ جملة من الاخلالات في المسار الإجرائي للقضية يتعلق بتعمد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية عدم إعلام الدائرة التي أصدرت الحكم موضوع الشكاية بأي مطلب من مطالب التلخيص التي وردت على إدارة المحكمة وعدم توجيه تلك المطالب للدائرة المتعهدة.
مع غياب الحرص غير المبرر على إعادة إعلام مصالح وزارة أملاك الدولة خلال شهر جويلية 2018 بالقرار الذي أصدره بتوقيف تنفيذ قرار المصادرة لأملاك رجل الأعمال مروان المبروك ومطالبة الإدارة بالإذعان لذلك القرار وارجاع الحالة لما كانت عليه بتمكين رجل الأعمال من استرجاع الأموال المصادرة والتصرف فيها والحال أنه كرئيس أول للمحكمة على علم مسبق في ذلك التاريخ بصدور الحكم في الأصل بشرعية قرار المصادرة ورفض الدعوى المقامة في طلب إلغائه بما يلغي أي أثر لقرار الرئيس الأول بإيقاف تنفيذ قرار المصادرة وعدم حرصه في مقابل ذلك على إعلام المكلف العام بنزاعات الدولة بأنه طبق مقتضيات القانون عدد 40 لسنة 1972 والإجراءات المتبعة لدى المحكمة الإدارية بأنه يكفي الحصول على شهادة في منطوق الحكم لتنفيذه وإنفاذ مفعول قرار المصادرة باسترجاع الدولة للتصرف في الأملاك المصادرة وهو ما اعتبرته الجمعية تعتيما ولا بد ان تؤخذ فيه كل هذه المعطيات بعين الاعتبار.
وللمجلس الأعلى للقضاء رؤية أخرى إذ يعتبر أن المسألة لا ترتقي إلى جريمة جزائية وإنما تندرج ضمن الأخطاء المهنية التي تستوجب إحالة على التأديب لأن التهمة الموجهة للقاضي الإداري هي التأخير في تلخيص حكم قضائي،كما أفاد المجلس بأنه لم يتلق أي شيء على المستوى الرسمي خاصة وأن النيابة العمومية عندما تتعهد بشكاية جزائية تتعلق بأحد القضاة تقدّم مطلبا للمجلس في رفع الحصانة وهذا لم يحدث إلى حدّ كتابة هذه الأسطر،علما وأنه في حال رأت النيابة انه لا وجود لجريمة جزائية في الشكاية فإنها تقرّر حفظ الملف.