الى ترشيح الأسماء إلى عضوية هذا الهيكل بعد قرار فتح باب الترشحات منذ غرة مارس المنقضي على أن تنطلق جلسات التصويت بداية من 8 افريل 2020،ولكن بسبب جائحة الكورونا التي اجتاحت البلاد تم تأجيل هذا الملف،اليوم وبعد استئناف العمل تبعا للحجر الصحي الموجه عاد البرلمان للبحث في سبل التوافق حول هذا الهيكل الذي طال انتظاره وذلك لحلّ عقدة الفشل الذي صاحب عملية انتخاب المجلس لنصيبه من الأعضاء وعددهم أربعة كما توجد جهة أخرى مؤشرات تبيّن أن الحلّ البديل عن التوافقات يتم إعداده وذلك بتنقيح القانون الأساسي للمحكمة الدستورية لحلّ هذه المعضلة.
وقد انطلق مسار تركيز المحكمة الدستورية من مجلس نواب الشعب وبقي متعثرا بين أروقته وظل استكماله رهين التوافقات بين رؤساء الكتل البرلمانية التي تعتبر السبب الأساسي في فشل كلّ الجلسات العامة التي خصّصت لانتخاب أربعة من أعضاء هذا الهيكل الدستوري باستثناء واحدة تم انتخابها وهي القاضية روضة الورسيغني.
اليوم وبعد انتخاب برلمان جديد يضم حساسيات سياسية مختلفة وفي ظلّ المطالب المتكرّرة والمتعدّدة سواء من ممثلي المجتمع المدني أو من الساحة القضائية بضرورة إرساء المحكمة الدستورية لما لها من دور مهم و أساسي في إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي انطلقت اجتماعات رؤساء الكتل البرلمانية من اجل التوافق حول قائمة اسمية ولكن هذا لا يعني أن يتم التعهّد بتلك التوافقات في الجلسة العامة وفرضية إسقاطها واردة جدّا وقد شهدنا هذا السيناريو من قبل ويبدو أن الحلّ الجذري لهذه الأزمة التي جعلت ملف المحكمة الدستورية يقبع لأكثر من أربع سنوات تحت قبّة باردو بسبب حسابات سياسية وحزبية ضيّقة يكمن وفق رؤية السلطة التنفيذية في تنقيح القانون الأساسي عدد 50 المؤرخ في3 ديسمبر 2015 وخاصة في النقطة المتعلّقة بمسألة النصاب والأغلبية وفي هذا الإطار شرعت لجنة التشريع العام أمس الأربعاء 10 جوان الجاري في النظر في مشروع القانون الذي قدّمته وزارة العدل منذ ماي 2018 وذلك بعد المصادقة عليه من قبل مجلس وزاري في 9 ماي 2018 بإشراف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي آنذاك،هذا وستواصل اللجنة النظر في هذه الوثيقة اليوم الخميس في انتظار استكمال عملة النقاش والمصادقة عليها قبل إحالتها على مكتب المجلس لتحديد موعد لجلسة التصويت.
مشروع قانون تنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية ومنذ تقديمه من الجهة المبادرة لاقى الكثير من الانتقادات لا من حيث المضمون وإنما من حيث المبدأ،حيث عبّرت جمعية القضاة التونسيين عن رفضها المطلق لعملية التنقيح حتى لا يتكرّر سيناريو المجلس الأعلى للقضاء الذي عبّر بدوره عن موقفه الرافض للمساس بالقانون وتنقيحه،من جهة أخرى هناك من الهياكل القضائية التي تعتبر أنّ عملية التنقيح شرّ لا بدّ منه ولكن بشروط معينة حتى لا يقع المس من استقلالية المحكمة الدستورية الذي نصّ عليه القانون المنظم لها.فهل ترى هذه المبادرة النور وتحلّ معضلة المحكمة الدستورية بتجاوز عتبة البرلمان واستكمال مسار التركيز بين المجلس الأعلى للقضاء ورئاسة الجمهورية؟أم تعود هذه المبادرة الى الرفوف كما حصل سابقا؟.