وتم تكليف فرقة الأبحاث المالية والاقتصادية في ذات اليوم بإنابة عدلية للبحث والتقصي،إذ شرعت مباشرة في التحقيقات الأولية وذلك بإجراء سلسلة من السماعات، وقد مرّ أسبوعان تقريبا على انطلاق الأبحاث في هذا الملف المثير للجدل،ولمزيد التفاصيل حول مدى تقدم السماعات تحدثنا مع محسن الدالي مساعد وكيل الجمهورية ورئيس وحدة الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس.
بداية قضية الحال كانت بتلقي الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لـ11 تبليغا بوجود شبهات فساد وتضارب مصالح في صفقة صناعة مليوني كمامة وذلك بعد دخول نائب بالبرلمان على الخط وهو صاحب مصنع للكمامات،الهيئة وأمام هذا الكم الهائل من البلاغات قامت بالتحقيق والتقصي وقررت إحالة الملف على أنظار القضاء.
التحقيق في قضية الحال لم يكن قضائيا فقط بل كان إداريا كذلك بعد أن أحالت الهيئة سالفة الذكر نسخة من الملف إلى رئاسة الحكومة التي كلّفت وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد بفتح تحقيق داخلي قامت به الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية التي نشرت ملخص لتقريرها مؤخرا تحدثت فيه عن جملة من النقائص والاخلالات على غرار تعدّد اللجان وغياب ما يفيد تحديد المسؤوليات، بالإضافة إلى عدم الاستعداد مسبقا لدى الصيدلية المركزية إلى حدّ تاريخ المهمة الرقابية لإنجاز الشراءات المطلوبة، كما كشف التقرير أن وزير الصناعة قام شفاهيا بالاتفاق مباشرة مع أحد المزوّدين لتسريع إنتاج دفعة أولى بمليوني كمامة، وهو تصرّف مخالف للصيغ القانونية والترتيبية والطلبات العمومية وخاصة المنافسة والشفافية والمساواة مع غياب صفة المشتري العمومي.علما وان وزير الصناعة صرح بأنه لم يكن يعلم بان صاحب المصنع الذي تحدث معه هاتفيا نائب بالبرلمان،في المقابل علّل النائب تصرفه بأنه لم يكن يعلم بان القانون يمنع النواب من الدخول في الصفقات العمومية وهو تبرير لاقى الكثير من الانتقادات.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو لخص التقرير في إحدى تصريحاته إذ نفى وجود شبهة فساد وإنما الأمر يتعلق بمخالفة جملة من الإجراءات والقوانين ولم تكن هناك نية للربح وكسب المال بطريقة غير مشروعة وفق تعبيره.
نعود إلى الملف على المستوى القضائي فقد أكد محسن الدالي مساعد وكيل الجمهورية ورئيس وحدة الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس في تصريح لـ«المغرب» أن الأبحاث الأولية تقدمت خطوات مهمة جدا وكذلك السماعات وقال في هذا السياق «باشرت الفرقة المختصة سلسلة من السماعات منذ مدة ولا تزال وقد تقدمت أشواطا كبيرة في هذا المستوى وهي تباشر عمليات البحث و التقصي في هذا الملف بكل جدية و حرص من اجل الوقوف على حقيقة وجود شبهة فساد وتضارب مصالح من عدمه»،هذا وقد احتفظ محدثنا بصفات الأشخاص الذين تم سماعهم في هذه القضية والذين مثلوا أمام فرقة الأبحاث المالية والاقتصادية وذلك حفاظا على سرية الأبحاث وغيرها. وللتذكير فإن هذا الملف لم يتم فيه أي إيقاف أو احتفاظ لأي طرف في انتظار ختم الأبحاث الأولية ليحال الملف مجددا على النيابة لتتخذ على ضوءه الإجراءات اللازمة.