هناك ملف آخر لا يقلّ أهمية وهو المتعلق بتجديد نصف الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب التي تعتبر من الهيئات المثيرة للجدل منذ بداية مسارها، إذ تعتبر تقريبا الهيئة الدستورية الوحيدة التي تسجّل عزوف عن الترشح الأمر الذي يستدعي فتح هذا الباب لأكثر من مرّة،في هذا الإطار فإنه من المنتظر أن تعقد اللجنة الانتخابية صلب مجلس نواب الشعب جلسة عمل ستخصّص لفرز الترشحات ذلك يوم غد الاثنين 9 مارس الجاري فهل تضطرّ لفتح باب الترشح من جديد؟.
ملف الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب يعتبر من الإرث الذي تركه المجلس الوطني التأسيسي الذي توصل في سنة 2013 إلى المصادقة على القانون الأساسي عدد 43 المؤرخ في 21 أكتوبر من نفس السنة والمنظم لهذا الهيكل الدستوري ولكن عملية انتخاب أعضائه كانت بعد أكثر من سنة ونصف تقريبا،ومن بين الأسباب التي ساهمت في هذا التأخير عزوف عن الترشح في أكثر من اختصاص وهو ما جعل اللجنة المعنية تفتح باب الترشح في أكثر من مناسبة.
نظرا لأهمية هذه الهيئة الدستورية في التصدي لحالات التعذيب داخل مراكز الاحتفاظ وغيرها من الأماكن فإن عملية استكمال نصف تركيبة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب أمر ضروري،علما وان الاختصاصات المعنية بهذا التجديد هي ثلاث ممثلين عن الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان،مختص في حماية الطفولة،طبيبان وقاضيان متقاعدان.
اللجنة الانتخابية فتحت باب الترشح لتجديد نصف الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب منذ جوان 2019 وتلقت أكثر من 52 ترشحا ولكن عملية الفرز أسفرت عن نقص في الترشحات خاصة في اختصاص الأطباء وحماية الطفولة الأمر الذي اضطرّها إلى فتح باب الترشح مرة أخرى وتمكين المترشحين الذين قدموا ملفات منقوصة استكمال بقية الوثائق وذلك لدعم حظوظ استكمال تركيبة هذه الهيئة الدستورية،من جانب آخر هناك من رجّح أن يكون العزوف عن الترشح راجعا إلى أن المسألة تطوعية ودون مقابل.
ضبط القانون الأساسي عدد 43 المؤرخ في 21 أكتوبر 2013 المهام الموكولة للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والتي من بينها القيام بزيارات دورية منتظمة وأخرى فجئية دون سابق إعلام وفي أي وقت تختاره لأماكن الاحتجاز التي يوجد فيها أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم،التأكد من توفر الحماية الخصوصية للأشخاص ذوي الإعاقة الموجودين بمراكز الإيواء المنصوص عليها بالفصل 2 من هذا القانون الأساسي،التأكّد من خلوّ أماكن الاحتجاز من ممارسة التعذيب وغيره من المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومراقبة مدى تلاؤم ظروف الاحتجاز وتنفيذ العقوبة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية،تلقي البلاغات والإشعارات حول الحالات المحتملة للتعذيب أو المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في أماكن الاحتجاز والتقصّي بشأنها وإحالتها بحسب الحالة إلى السلط الإدارية أو القضائية المختصة، بالإضافة إلى إحداث قاعدة بيانات تجمع فيها المعطيات والإحصائيات لهدف استغلالها في إنجاز المهام الموكولة إليها ورفع تقريرها السنوي إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس المكلف بالسلطة التشريعية ونشره بموقعها الالكتروني وبالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.