يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء لـ«المغرب»: «نخوض منذ مدة صراعا مع السلطة التنفيذية التي تمارس سياسة وضع اليد على قرارات المجلس وسنقوم بإنشاء موقع واب قريبا»

• نستغرب إسقاط الفصول المتعلقة بصندوق جودة العدالة

حاوراه :نورة الهدار وفتحية سعادة
قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر لـ«المغرب» ان المجلس الأعلى للقضاء يخوض صراعا مع السلطة التنفيذية

في مجال السلطة الترتيبية الممنوحة قانونا للمجلس الأعلى للقضاء والتي ترفض السلطة التنفيذية الاعتراف بها. واكد ان المجلس يطبق الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية المتعلقة بالحركة القضائية ويدرج المنتفعين منها في الحركة القضائية وفق طلباتهم .

كيف تقيّم سنة 2019 بالنسبة للسلطة القضائية والوضع عامة في ظلّ المشهد السياسي الجديد؟
بالنسبة للسلطة القضائية هي سنة شهدت اكتمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء بانتخاب الأستاذ المحاضر في المالية العمومية والجباية وهو ما مكن من المرور للوضع الدائم بالنسبة لمجلس القضاء المالي وللمجلس الأعلى للقضاء عموما و تجاوز الوضع الهش الذي كان يميز وجود هذا الهيكل وظل يلازمه لمدة سنتين بعد تركيزه وقتيا بموجب مبادرة تشريعية ،كما شهدت سنة 2019 صدور القانون الأساسي المتعلق بتنظيم محكمة المحاسبات والذي سيدخل حيز النفاذ بداية من أول جانفي وهو أولى لبنات تنزيل مقتضيات القضاء المستقل والسلطة القضائية التي تستجيب لشروط الدستور وآمل أن يتواصل تركيز القضاء العدلي والإداري بنفس ضمانات الاستقلالية خلال السنة الجديدة.

وفيما عدا ذلك هي سنة كسابقاتها لا جديد يذكر نفس المشاكل المتعلقة بحجم العمل القضائي وغياب سياسة واضحة في ما يتعلق بالبنية التحتية للمحاكم أو الموارد البشرية بما ينبئ بتفاقم المشاكل فيما يتعلق باللجوء إلى العدالة ويساهم في مزيد تمطيط الزمن القضائي بما يؤثر على معيار المحاكمة العادلة  ولذلك فإننا نستغرب من إسقاط الفصول المتعلقة بصندوق جودة العدالة من قانون المالية لسنة 2020 كما لم تبلغ نسبة ميزانية وزارة العدل من الميزانية العامة للدولة المعايير الدولية المعتمدة لقياس دولة القانون ودون شك ينبغي العمل على الاستثمار في العدالة باعتبارها الحارس الأساسي لعملية الانتقال الديمقراطي وأما في خصوص الشأن العام فقد نجحت بلادنا في تخطي الوضع الحرج اثر وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي رحمه الله وتمكنت من تجاوز الوضع المؤسساتي الناجم عن غياب المحكمة الدستورية والمرور نحو انجاز انتخابات سابقة لأوانها في الآجال الدستورية ولكن الوضع يستدعي مزيدا من الجهد لتركيز بقية المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها المحكمة الدستورية والتي يبدو أننا سنكون بحاجة إليها خلال الفترة القادمة أكثر من أي وقت مضى.

المجلس الأعلى للقضاء بعد انتقاله من الوضع المؤقت إلى الوضع الدائم ما أهم أولوياته؟
لاشك أن عملية التأسيس التي نقوم بها في المجلس الأعلى للقضاء هي أهم عمل مناط بعهدتنا فبالإضافة إلى ترتيب البيت الداخلي للمجلس على المستويين الهيكلي والإداري فإننا مطالبون بانجاز الإصلاحات الضرورية باعتبار المجلس يعمل على ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله وسنستعمل في ذلك الآليات الممنوحة لنا طبقا للقانون والدستور كما سنعمل على اقتراح الإصلاحات فيما يتعلق بمجال تدخل السلطة التشريعية لاسيما في ما يتعلق بتنظيم القضاء العدلي والإداري والقوانين الأساسية للقضاة وبوصلتنا في كل ذلك هو تكريس الممارسات الجيدة التي تؤسس فعلا للسلطة القضائية المستقلة والمسؤولة.

معركة استقلال السلطة القضائية انطلقت أولى امتحاناتها مع الحكومة حول الحركة القضائية ومن له صلاحية السلطة الترتيبية؟
بالفعل نخوض منذ مدة صراعا مع السلطة التنفيذية وأساسا الحكومة في مجال السلطة الترتيبية الممنوحة قانونا للمجلس الأعلى للقضاء في الفصل الأول من القانون الأساسي له والتي ترفض السلطة التنفيذية الاعتراف بها وتمارس سياسة وضع اليد على قرارات المجلس بمنع نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية مانحة لنفسها سلطة مراقبة ما ينشر في هذا الإطار وهو تصرف غير قانوني ولا يمت لدولة القانون والمؤسسات بصلة ونخشى أن تكون الغاية منه الاستيلاء من جديد على صلاحيات المجلس في استعادة لممارسات سيئة خلناها انقضت بموجب دستور 2014 والذي خرجنا به للعالم على انه دستور توافقي ويضمن أسس السلطة القضائية المستقلة والتوازن بين السلطات ولذلك فنحن نعتبر أن المسالة خطيرة تنبئ باستعادة ممارسات لا نقبلها وسنواصل العمل على تكريس استقلالية المجلس وممارسة صلاحياته في إطار احترام القانون والدستور ولكن دون تنازل عن ثوابت الاستقلالية

كيف تجيبون على الاتهامات التي تطال المجلس مع كلّ حركة سنوية واعتبارها قائمة على المحاصصة وانه يتبع سياسة التعتيم في تعامله مع الرأي العام؟
لا افهم مسالة المحاصصة فالمجلس يتكون من قضاة ومن مستقلين من ذوي الاختصاص وبالنسبة إلينا نجري الحركة بناء على عملية تقييم موضوعية وفق عناصر يتم تحديدها مسبقا ويتم نشرها لعموم القضاة وقد نخطأ في بعض التقييمات ولكن أن نتحدث عن محاصّصة أو غيرها فهذا غير مقبول ويمكنني نفيه بصورة قاطعة وأما عن التعتيم فطبيعي أن أعمال إعداد الحركة ومداولاتها هي أعمال سرية بالقانون المحدث للمجلس واقسم أعضاءه على إبقائها كذلك للحفاظ على المعطيات الخاصة بالقضاة وفيما زاد على ذلك لا وجود لتعتيم والمعلومة متوفرة لمن يطلبها كما سنعمل على تطوير سياسة الاتصال بالمجلس بإنشاء موقع واب خلال الفترة القريبة القادمة.

تداول بعض المعنيين بالشأن القضائي أخبار مفادها انتماء بعض أعضاء المجلس الأعلى للقضاء إلى منظمات دولية، في مخالفة للفصل 7 من قانون المجلس، ما تعليقكم على ذلك؟
لا علم لي بذلك وربما المقصود المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة والتي تضم دائرة المحاسبات التونسية ولا تضم قاضيا بعينه فيها وتترأسها تونس ولا وجود لعضو بالمجلس وله عضوية بمنظمة دولية بصفته تلك على حد علمي .

عدد القضاة الذين تمت إحالتهم على مجلس التأديب و القضاة الذين رفعت عنهم الحصانة من أجل تتبعات جزائية؟
لا أتحوز حاليا على إحصائيات دقيقة في هذا الموضوع وهذه المعطيات ستكون مفصلة بتقرير نشاط المجلس والذي نحن بصدد إعداده وسيكون جاهزا خلال المدة القليلة القادمة فيما يتعلق بالمجالس القضائية الثلاث.

هناك العديد من الانتقادات الموجهة للمجلس خاصة في ما يتعلق بالنقل المرفوقة بترقيات لعدد من وكلاء الجمهورية الذين قاموا بفتح ملفات هامّة متعلقة بالفساد. كيف تفسرون ذلك، خاصة وان بعض المعنيين بالأمر قد اعترضوا على القرارات المذكورة؟
هذا السؤال غير دقيق وفيه اتهام للمجلس وما يمكنني التأكيد عليه هو انه لم تتم نقلة قاض من مركز عمله إلاّ بمقتضى طلبه أو لأجل مصلحة العمل الناجمة عن وجود شغور ببعض المناطق الداخلية وأي اتهام للمجلس بتصفية حسابات من نوع ما طرح في السؤال هو كلام غير مسؤول وعار عن الصحة.

كيف يتعامل المجلس الأعلى للقضاء مع الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية في ما يتعلق بالاعتراضات على الحركة القضائية؟
الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية في خصوص الحركة القضائية نطبقها وندرج المنتفعين من هذه الأحكام بالحركة القضائية وفق طلباتهم.

رسالتكم إلى القضاة والى السلطة التنفيذية؟
بالنسبة للقضاة نؤكد على أن المجلس حريص كل الحرص على حماية الضمانات القانونية الممنوحة لهم بمقتضى القانون والدستور وسنواصل تعزيزها عبر إعادة النظر في الخطط القضائية للدفع نحو تعزيز المحاكم بالكفاءات اللازمة من مختلف الرتب وتخفيف أعباء العمل عنهم كما سنقدم خلال هذه السنة الجديدة المقترحات المتعلقة بتعزيز الضمانات في القانون الأساسي للقضاة وتنظيم القضاء وأدعو القضاة إلى التمسك باستقلاليتهم وانجاز أعمالهم دون اعتبار للأشخاص والمصالح وبكل مسؤولية لاستعادة ثقة المتقاضي وأما فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية فهي مدعوة لاحترام مبدأ الفصل بين السلط واحترام المكانة الدستورية للمجلس الأعلى للقضاء والاقتناع بان دورها دعم هذا المجلس في إطار تشاركي لا عرقلة عمله تحت أي مسمى واعتقد أننا تجاوزنا مرحلة النقاش التأسيسي بصدور دستور 2014 ويقع على عاتق الجميع تنزيل مقتضياته بالأمانة المطلوبة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115