لأن الحكومة فرضت الأمر الواقع على المجلس الأعلى للقضاء من خلال إصدار أمر حكومي يستوعب القرار الترتيبي الصادر عن مجلس القضاء العدلي والمتعلّق بالخطط القضائية المحدثة في الحركة السنوية لأن السلطة التنفيذية تعتبر أن صلاحية السلطة الترتيبية من مشمولاتها فقط دون سواها،موقف عارضه المجلس الذي يرى أنه المسؤول الأول والأخير عن كلّ ما يتعلّق بالمسار المهني للقضاة،إشكال خلّف مناخا متشنّجا بين السلطتين فهل تكون بداية القطيعة؟.
بادر رئيس الجمهورية بادر بدعوة الأطراف المتداخلة وهي رئاسة الحكومة والمجلس الأعلى للقضاء وكذلك الهياكل المهنية للقضاة الى الاجتماع على طاولة الحوار وذلك بعد ان سادت حالة من الاحتقان في صفوف اهل المهنة وخاصة المشمولين منهم بالحركة بسبب تأخير إمضائها ونشرها،اجتماع عقد بتاريخ 16 ديسمبر الجاري وقالت رئاسة الجمهورية في بيانها أنه تم الاتفاق بين السلطتين وتمت إعادة صياغة القرار الترتيبي وعليه تم إمضاء الأمر الحكومي الذي يستوعبه،معطى نفاه المجلس الأعلى للقضاء في بيان توضيحي جاء فيه أنه «لم يقع أي اتفاق بل ان كلّ ما في الأمر أن الحكومة قدّمت مقترحها المتمثل في استيعاب القرار الترتيبي بأمر حكومي وطلبت من المجلس الاطلاع عليه وإعلان موقفه، هذا الأخير عقد جلسة طارئة وقرّر التمسّك بصلاحياته في ما يتعلّق بالسلطة الترتيبية الخاصة بالقضاة.
رغم ايجابية خطوة الإمضاء على الحركة السنوية للقضاة التي كانت لها تدعيات سلبية كبيرة على السير العادي لمرفق العدالة إلاّ أن الخلاف بقي قائما حول الطريقة التي مرّرت بها إذ وصفها المجلس الأعلى للقضاء بأنها تعد على صلاحياته كمؤسسة دستورية مستقلة وعدم اعتراف من السلطة التنفيذية بوجود سلطة قضائية قائمة الذات منحها الدستور لقب الاستقلالية.
إشكال خلّف مناخا محتقنا ومتوتّر على الساحة القضائية وفتح الباب للتساؤل حول مستقبل العلاقة بين السلطتين خاصة وأن موقف المجلس الأعلى للقضاء واضح وصريح إذ يعتبر ان صلاحياته خطّ احمر وعبّر عن تمسّكه بها وهذا يعني أنه لن يغّير طريقة عمله سواء في الحركة القضائية المقبلة أو في كلّ ما يتعلّق بصلاحيات السلطة الترتيبية للقضاة مستقبلا فكيف ستكون العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية في المستقبل في ظلّ تمسّك كلّ منهما بصلاحية السلطة الترتيبية،هل تكون القطيعة الدائمة والاختلاف المتواصل في المواقف وبالتالي مواصلة الحكومة للعمل بسياسة الأمر الواقع؟ أم يتفق الطرفان على فتح باب الحوار من جديد لتنقية المناخ والانطلاق في مسار جديد مبني على التفاهم؟،هذا ما سيبرز بعد صدور الأمر
الحكومي الذي استوعبت به السلطة التنفيذية القرار الترتيبي للحركة القضائية خاصة وأن جمعية القضاة حذّرت من المساس بصلاحيات المجلس وأنها ستقرّر ما يلزم من إجراءات بعد اطلاعها على الأمر محور الجدل وعلى مدى احترامه للقانون والدستور وهو ما يمكن ان نستنتج منه إمكانية رفض الهياكل المهنية لذلك الأمر وتكون هناك تحركات على الساحة القضائية بداية السنة الجديدة