القضاء بعد تسع سنوات من الثورة: إصلاحات لـم تنجز،محكمة دستورية لـم تركّز بعد والطريق طويل نحو الاستقلالية

منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة في 17 ديسمبر 2010 إلى الرابع عشر من جانفي 2011 كان القضاة والمحامون في الصفوف

الأمامية للمطالبة بالتنمية والإصلاح في كلّ القطاعات بما في ذلك مرفق العدالة الذي عانى لعقود من التهميش وسيطرة شبه تامة عليه من قبل السلطة التنفيذية وكان الهدف تأسيس سلطة قضائية مستقلّة بهيئاتها وتحسين البنية التحتية للمحاكم وإصلاح المنظومة القضائية ككل بما يتماشى مع المعايير الدولية، اليوم وبعد تسع سنوات ما الحصاد؟

عرّف الفصل 102 من باب السلطة القضائية صلب الدستور الجديد القضاء بأنه سلطة مستقلّة تضمن إقامة العدل وعلوية الدستور وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات.

في السنة المنقضية وبمناسبة الذكرى الثامنة للثورة اعتبرت روضة القرافي الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسيين «أننا لا نزال بعيدين عن استكمال التأسيس لقضاء مستقلّ»،اليوم وبعد مرور سنة أخرى لم يتغيّر الأمر ولا زالت دار لقمان على حالها،إذ لم يتم تركيز أي شيء من مقتضيات الإصلاح في المنظومة القضائية باستثناء بعض الخطوات التي ولئن تعتبر ايجابية إلاّ أنها غير كافية على غرار تدشين عدد من المحاكم الجديدة في الجهات ولكن إنجاح مرفق العدالة يتطلّب أكثر من ذلك بكثير ،فبالنظر إلى البنية التحتية المهترئة لعدد كبير من المحاكم التي نجد فيها ملفات المتقاضين هنا وهناك وقد غمرتها مياه الأمطار، فمتى تزول هذه الصور التي ترسم حقيقة الوضع؟ إلى حدّ اليوم لم يتحقّق شيء.

على مستوى الهيئات القضائية التي نصّ عليها الدستور تم تركيز المجلس الأعلى للقضاء فقط والذي عاش جملة من الإشكاليات والصعوبات واليوم يحاول إيجاد طريقه باستكمال ترتيب بيته الداخلي والدفاع عن السلطة القضائية وضمان استقلاليتها،ولكن إلى اليوم مازالت المحكمة الدستورية حبرا على ورق بعد تعثّر البرلمان السابق أكثر من مرّة في انتخاب نصيبه من الأعضاء ليبقى هذا الملف حبيس أروقة قبّة باردو.

من جانب آخر وفي ما يتعلّق بالتشريعات هناك بعض الثغرات والإشكاليات القانونية التي ظهرت مع الحركة القضائية 2019 - 2020 والتي تسبّبت في تعطّل عملية ختمها ونشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وذلك بعد اختلاف الآراء حول من له السلطة الترتيبية الحكومة أم المجلس الأعلى للقضاء وهي سابقة من نوعها تطلّبت عقد جلسة حوار بين كلّ الأطراف المتداخلة لحلحلة الأزمة.

السنوات تمرّ والمنظومة القضائية لم تشهد إصلاحات تذكر ،إذ في كلّ مرة ومع كلّ مناسبة يتجدّد طرح الملفات القديمة المتجدّدة وتوضع برامج ولكنها تبقى حبرا على ورق دون انجاز،كما أن السلطة القضائية مازالت تشقّ طريقها نحو الاستقلالية الذي يعتبر صعبا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115