والمتعلق بالانتخابات خاصة بعد انتهاء الآجال القانونية لذلك والمحدّدة بأربعة أيام وفق ما ينصّ عليه الدستور،تصرف مفاجئ من أعلى هرم في السلطة أسال الكثير من الحبر وردود أفعال مختلفة بين مؤيّد و رافض بشدّة خاصة في ظلّ الوضع الدقيق الذي تمر به البلاد على جميع المستويات،من جهة أخرى فتح موقف رئيس الجمهورية الباب لطرح جملة من الأسئلة القانونية،في هذا السياق تحدثنا مع وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين.
للتذكير فإن مسألة تنقيح القانون الانتخابي كانت منذ البداية محلّ جدل واسع تحت قبّة البرلمان وخارجه حيث اعتبرها عدد من السياسيين وغيرهم أنها غير معقولة خاصة وأن موعد الانتخابات لم يعد يفصلنا عنه الكثير، كما رأى البعض الآخر أن التنقيحات هدفها الإقصاء.
مفاجأة من الوزن الثقيل
أكثر من خمسين نائبا مارسوا حقّهم في الاعتراض على التنقيحات التي أحدثت على القانون الانتخابي حيث تقدّموا بطعن لدى هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين ولكن هذه الأخيرة رفضته وأقرت بالتالي بدستورية تلك التنقيحات ورمت الكرة في ملعب رئيس الجمهورية الذي كانت أمامه ثلاث طرق يمكنه السير في احداها ولكن في آجال معينة خاصة وأن البلاد في سباق ضدّ الساعة استعدادا للانتخابات التشريعية والرئاسية ،الطريق الأول إعادة التعديل إلى مجلس النواب للمصادقة عليه ثانية، عرض التعديل على الاستفتاء الشعبي أو الختم لكنه لم يستعمل أي من هذه الأوراق والنتيجة عدم نشر التعديلات في الرائد الرسمي بسبب عدم ختمها من قبل الرئيس مع انتهاء الآجال المحدّدة بأربعة أيام ،هنا علّق وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين فقال « بعد أن أقرّت هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين دستورية التعديلات كان من حق رئيس الجمهورية أن يقوم برد القانون إلى مجلس نواب الشعب إلا أنّه لم يفعل في الآجال المحددة لذلك وبالتالي أصبح ملزما بختم القانون باعتبار أنّه في سلطة مقيدة. ولكنه لم يفعل فعدم الختم يعتبر خرقا للدستور من طرف رئيس الجمهورية وسيتم العمل بالقانون القديم بطبيعة الحال فالدستور ينص على أن رئيس الجمهورية يختم ويأذن بالنشر في الرائد الرسمي وفي غياب ذلك لا يمكن الحديث عن التعديلات أو العمل بها وكل نشر بالرائد الرسمي دون إذن رئيس الجمهورية يعتبر خرقا أيضا للدستور كما أن الآجال انتهت منذ يوم الجمعة الفارط» وأضاف الهلالي « ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها خرق الدستور بهذه الفظاعة، فلقد سبق لرئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة أن تفنّنوا في الاعتداء على أحكامه في عدة مراحل من هذه العهدة النيابية (أعوّل على ذاكرتكم في هذا الخصوص) باعتبار أن القانون في مفهومه الواسع لا يعدو أن يكون في نظرهم سوى وسيلة لتحقيق أهداف سياسية معينة، فإذا تعارض القانون مع السياسة قدّمت السياسة وذلك بصرف النظر عن انتهاكها لأحكام القانون النافذ في ذلك الوقت. كلّ ذلك أمام أعين المتابعين للشأن العام، المختصين منهم وغير المختصين، ودون أدنى حياء من المخالفين الذين تتاح لهم الفرص أمام المنابر الإعلامية لتبرير أعمالهم الشنيعة. وها نحن اليوم ننهي المدة النيابية بخرق آخر للدستور من طرف رئيس الجمهورية الذي قرّر أن يبقي قواعد اللعبة الانتخابية على حالها دون تغيير»
آجال استنهاضية؟
مسألة الآجال في حدّ ذاتها أثارت جدلا كبيرا فهناك من يقول انها انتهت منذ منتصف ليلة الجمعة المنقضي وهناك من يقول لم تنتهي بعد باعتبار عدم احتساب السبت والاحد ،كما هناك من يتحدّث عن آجال استنهاضية ولكن عند الحديث عن امتناع عن الختم فالأمور تأخذ منحى آخر ،في هذا السياق قال محدثنا «الآجال استنهاضية يعني يمكن لرئيس الجمهورية أن يختم القانون خلال هذا الأسبوع و لكن هذه القراءة تصبح بلا معنى طالما خرج مستشار رئيس الجمهورية وقال أنّ الأخير لن يختم القانون لأنه يعتبره إقصائيا، فعلى رئيس الجمهورية إذا أن يخرج ويوضح موقفه فهو رمز الدولة ورمز وحدتها ومن واجبه التوجه إلى الشعب التونسي بتوضيحات حول وضعه الصحي وما يحدث».وختم الهلالي بالقول «العبث السياسي والقانوني الذي شهدته المدة النيابية الحالية لا يمكن أن تولّد إلاّ الفوضى وهو ما نشاهده اليوم وسنشاهده خلال الحملة الانتخابية المقبلة التي ستكون «قذرة» بأتم معنى الكلمة لتفرز العملية مزيجا من الوجوه القديمة والجديدة التي لن تضيف شيئا للمشهد السياسي بل قد يزيد تعفنا وانتهازية».