لكن أمام بطء انجاز المشاريع العمومية تمّ الاعتماد على رؤية مغايرة للإصلاحات وذلك بالخصوص عن طريق تدعيم الإطار القانوني لتنفيذ الاستثمارات العمومية.
تتلخص الإصلاحات الدستورية المزمع تحقيقها على ارض الواقع، وفق ما جاء في تقرير لجنة متابعة الإصلاحات الكبرى، في ثلاث مسائل هامّة وجوهرية لها انعكاسات ملموسة على المسار الإصلاحي بأكمله ونخصّ بالذكر هنا ثلاثية المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية ومكافحة الإرهاب.
تنطلق الرؤية الجديدة ذات البعد الإصلاحي من مؤسسة السلطة المحلية والدولة المناط بعهدتها في إطار تجسيد سياسة اللامركزية وهو ما تضمنه الدستور وتحديدا في الباب السابع منه المتعلق بـالسلطة المحلية. ترتيبا على ذلك وقع الانطلاق في تركيز مسار اللامركزية وذلك من خلال ثلاثة أصناف من الجماعات المحلية وهي التي نصّ عليها الدستور وهي تباعا البلديات والجهات والأقاليم.
للاشارة فانه لم يقع إلى حدّ الآن تقسيم التراب الوطني إلى اقاليم، كما يتجه التذكير بانه تم اقتراح مشروع قانون أساسي شامل لمختلف الأحكام العامة في ما يتعلق بالجماعات المحلية ومجال نشاطها ودورها على ان يبقى الجانب المتعلق بانتخابات مجالس الجماعات المحلية من مشمولات القانون الانتخابي ريثما يقع استكمال النظام الانتخابي مثلما يقتضيه الدستور.
في إرساء المجلس الأعلى للقضاء
جاء الباب الخامس من الدستور تحت عنوان السلطة القضائية معلنا ولادة مشروع القضاء – السلطة على المستويين الهيكلي والوظيفي. ويعتبر هذا الإطار الدستوري المرجعية الاساسية في صياغة أحكام القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء مع الاستئناس بالمعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية والتجارب المقارنة في المجال وتمت احالته على مجلس نواب الشعب، وفق ما جاء في التقرير.
وكان الفصل 112 من الدستور تركيبة المجلس غير انه بعد نقاش طويل داخل لجنة صياغة مشروع القانون الأساسي تمّ ترجيح الرأي الذي يعتبر ان الجلسة العامة هي هيكل تمثّل فيه المجالس القضائية الثلاثة. كما وزّع الفصل 114 من الدستور صلاحيات المجلس الاعلى للقضاء الذي يضمن حسن سير القضاء واحترام استقلاله ويعدّ تقريرا سنويا في نشاطه يحيله على الرئاسات الثلاث ثم يناقشه امام الجلسة العامة لمجلس النواب. وتعود الى المجلس صلاحية تسمية القضاة، كما يعين اربعة اعضاء بالمحكمة الدستورية.
ويتكون المجلس الاعلى للقضاء من قضاة بنسبة الثلثين ومن اعضاء مستقلين من غير القضاة من ذوي الاختصاص بنسبة الثلث، ويتم تعيين الأعضاء المستقلين من الهيئة الوطنية للمحامين ويتم تعيين بقية الأعضاء من الجامعيين من بين المنتخبين بالمجالس العلمية.
في المحكمة الدستورية
تعتبر المحكمة الدستورية احدى اهم المؤسسات الدستورية التي احدثها دستور 2014 باعتبار اهمية الدور الذي تضطلع به في ضمان علوية الدستور وحماية النظام الجمهوري الديمقراطي واحترام الحقوق والحريات وقد تمّ التاكيد على ذلك في الفصل الاول من القانون الاساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية الذي صدر بالرائد الرسمي للبلاد التونسية بتاريخ 8 ديسمبر 2015.
وقد جاء القانون الاساسي المتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية وضبط الاجراءات المتبعة لديها والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها مؤكدا على استقلالية المحكمة الدستورية من ذلك تمتعها بالاستقلالية الادارية والمالية وتعهدها بإعداد ميزانيتها دون تدخل السلطة النفيذية كما تتولى مناقشتها مباشرة امام مجلس نواب الشعب.
في مكافحة الارهاب
شكلت الحكومة صلب وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية لجنة فنية تتكون من ممثلين عن وزارات الدفاع الوطني والعدل والداخلية والشؤون الخارجية وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية والمالية عهدت اليها مهمة اعادة النظر في القانون طبقا للمعايير الدولية واقتراح احكام اجرائية مضبوطة وتعريفات دقيقة للجرائم الارهابية حتى لا يكون القانون اداة لضرب الحريات. باشرت اللجنة اعمالها منذ نوفمبر 2012 بتحديد الاتفاقيات الدولية والاقليمية ذات الصلة بمكافحة الارهاب. كما تولت اللجنة الوطنية رصد مواطن الخلل في احكام القانون عدد75 لسنة 2003، كما اخذت في الاعتبار مشروع القانون المتعلق بتنقيح مجلة الاجراءات الجزائية في خصوص ضمانات المتهم امام باحث البداية.