أواخر جانفي المنقضي،إذ وفي الوقت الذي لا تزال فيه أحداثها الصادمة عالقة في أذهان التونسيين عامة وضحاياها من الأطفال بصفة خاصة يرفع الستار عن فاجعة مماثلة من حيث الفئة المستهدفة ولكن المكان هذه المرّة بناية بصدد البناء شهدت جدرانها على ما تعرّض له أطفال من ضرب وتحرّش جنسي. في مثل هذه الحوادث وطبقا للمهام الموكولة إليها ظهرت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص على الخطّ للمعاينة والوقوف على حقيقة الأمر،في هذا الإطار أصدرت الهيئة سالفة الذكر بيانا في الغرض قدّمت فيه جملة من المعطيات الأولية في انتظار استكمال التحقيقات من قبل الجهات القضائية.
إذا تحدثنا عن جريمة الاتجار بالأشخاص بلغة الأرقام فنجد هذا العدد في ارتفاع حيث رصدت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر 780 حالة اتجار في تقريرها لسنة 2018 وهو مؤشّر يدعو إلى اليقظة والتصدي لهذه الظاهرة العالمية.
تفاصيل الفاجعة
قدّمت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص جملة من التفاصيل الأولية حول قضية أخرى تتعلق بالاتجار وذلك بالتنسيق مع الهياكل الأمنية المختصة بوزارة الداخلية إذ بيّنت المعطيات أن كهلا في العقد الخامس من عمره يقيم بجهة المدينة الجديدة من ولاية بن عروس يتولى إيواء ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 16 و17 سنة في منزل بصدد البناء أصيلي ولايات مختلفة يعيشون وضعيات تهديد من تفكك أسري وتقصير واضح وجلي في الرعاية.
هذا واكد بيان الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أن هؤلاء الأطفال تعرّضوا إلى الاستغلال الاقتصادي وذلك من خلال دفعهم للتسول بالإضافة إلى الاعتداء عليهم جنسيا وبالتنسيق مع النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بالمتهم و إيداعه السجن ،علما وأن مرتكب هذه الفعلة البشعة محل تفتيش لفائدة العدالة في قضايا أخرى مختلفة،هذا وقد أذنت النيابة العمومية للهياكل الأمنية المختصة بمواصلة البحث في جريمة «الاتجار بالأطفال باستغلالهم اقتصاديا وجنسيا».وللتذكير فإنه في رواية أخرى هناك حديث عن ما بين 20 إلى 30 طفلا تعرضوا للضرب والاغتصاب تم شراؤهم من أهاليهم مقابل 200 دينار وأن عدد أفراد العصابة بين 3 و10 أنفار.
مندوب الطفولة يتدخل
في انتظار ما ستكشف عنه الأبحاث والاستنطاق فإن السؤال المطروح الآن هو ماهو مصير الأطفال ضحايا هذا الوحش الآدمي؟ ،هنا قدّمت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر معطيات تفيد بأنه تم التنسيق مع مندوبي حماية الطفولة من اجل التعهد بوضعيات الأطفال الثلاثة الذين تم إيواؤهم بأحد مراكز الرعاية الاجتماعية وتقديم الإحاطة النفسية اللازمة لهم. وقد تعهدت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص بمتابعة التحقيق في مآل الأبحاث، كما وعدت بأنها ستعمل على اتخاذ كلّ الإجراءات لحماية الضحايا. من الناحية القانونية فإن الاتجار بالأشخاص فعل جرّمه القانون الأساسي عدد 61 المؤرخ في 3 أوت 2016 إذ ينصّ الفصل الثامن منه على أنه «يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يرتكب إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بالعدد 1 من الفصل 2 من هذا القانون».