فإن هناك حالة من الاحتقان في صفوف عدد هام ممن تسلموا قراراتهم ووجدوا فيها «صفر تعويض» الأمر الذي جعلهم يحتجون أمام مقر الهيئة مؤخرا وطالبوا مصفية الهيئة بإنصافهم،من جانب آخر هناك حديث عن قائمة اسمية تضم 700 شخص تم نشرها أثارت جدلا واسعا خاصة وأنها لا تتضمن أرقام ملفات على خلاف بقية قوائم قرارات جبر الضرر،كلّ هذه النقاط تطرح جملة من التساؤلات القانونية وغيرها حول إمكانية لجوء الضحايا إلى القضاء وحجم الثغرات الموجودة في قانون العدالة الانتقالية.
وحسب ما توفر لدينا من معطيات فإنه وبالرغم من انتهاء عمر هيئة الحقيقة والكرامة إلاّ أنها لم تغلق أبوابها بعد إذ لا تزال المصفية سهام بن سدرين تتردّد على المقر بسيارتها الوظيفية ولا تزال تتمتع ونائبها محمد بن سالم بالامتيازات التي خوّلها لهما قانون العدالة الانتقالية رغم انتهاء المدة القانونية لذلك وهو ما أثار عديد الاستفهامات حول مدى تواصل هذا الوضع دون حسيب ولا رقيب.
قائمة مثيرة للريبة
تنضاف إلى سجلّ هيئة الحقيقة والكرامة نقطة استفهام جديدة فبالإضافة إلى ما تضمنه تقرير دائرة المحاسبات من معطيات حول سلسلة من الاخلالات والتجاوزات وشبهات الفساد هناك قائمة تضمّ 700 اسم نشرتها الهيئة على صفحتها الرسمية مؤخرا وأحالتها على الحكومة وقد تم تصنيف هؤلاء الأشخاص ضمن ما يسمى بالمفروزين أمنيا وسلّمتهم مصفية الهيئة قرارات جبر الضرر وفق ما تحصلنا عليه من معطيات ،الأمر إلى حدّ اللحظة يعتبر طبيعيا ولكن ما أثار الريبة والجدل حول القائمة المذكورة هي غياب أرقام ملفات كما هو معمول به في بقية قائمات قرارات جبر الضرر. من جانب آخر فقد عبّر عدد من الضحايا الذين وردت أسماؤهم ضمن القائمات التي تنشرها مصفية هيئة الحقيقة والكرامة تباعا عن تذمرهم من طول انتظار تسليمهم لتلك القرارات وهناك حديث عن اعتباطية في عملية التسليم وغياب أي معايير في الغرض.
احتجاج واحتقان
خيّر عدد هام من الذين تسلموا قرارات جبر ضرر فيها «صفر تعويض» التوجّه إلى مقرّ هيئة الحقيقة والكرامة أين توجد مصفيتها سهام بن سدرين ونائبها محمد بن سالم ليعبروا عن غضبهم وامتعاضهم من التعويض بالرغم مما تعرّضوا إليه من انتهاكات وفق تعبيرهم،كما طالبوا بن سدرين والحكومة بإحداث لجنة للتفاوض معهم وإرشادهم حول كيفية التعامل مع تلك القرارات والطعن فيها خاصة وأنهم قد تسلموها في آخر يوم لأعمال الهيئة أي 31 ماي المنقضي على الساعة الثالثة بعد الزوال وفق ما صرّحت بها احدى الضحايا.
نبقى مع مسألة الطعون فقد أفادنا مصدر مطلع أن نسبة الاعتراضات في الهيئة قد فاقت 40 % وقد تم تكوين لجنة تعنى بالطعون وفق دليل إجراءات البحث والتقصي ولكن السؤال هنا ما هو مآل ذلك الكمّ من الاعتراضات خاصة وان الهيئة لم تنشر أي شيء عن الموضوع لإنارة الرأي العام، بل أكثر من ذلك هناك حديث عن توزيع قرارات في المقهى و عن عمليات مساومة للضحايا ، من جهة أخرى فقد قرّرت الهيئة مؤخرا إرسال قرارات جبر الضرر للضحايا عبر البريد فمتى وكيف يمكنهم الطعن وإن واصلت الهيئة تلقي الطعون بعد انتهاء عهدتها فهذا يعتبر غير قانوني وغير شرعي كما انه كيف يعقل أن تكون الهيئة هي الخصم والحكم ،كلّ ذلك يؤكد وجود ثغرات كبيرة في قانون العدالة الانتقالية فتحت باب التأويلات والقراءات المختلفة على مصراعيه.حزمة من التساؤلات والمسائل المثيرة للشكّ والجدل لا بدّ من فكّ رموزها ولكن من يتجرأ على ذلك؟.
«مجهولون»
في ردّها على احتجاج عدد من الضحايا أمام مقرّها اعتبرت هيئة الحقيقة والكرامة في بلاغ لا يتضمّن سوى شعار الهيئة المنتهية مهامها دون إمضاء أو ختم أن هؤلاء المحتجين يزعمون أنهم ضحايا وليس لديهم ملفات في الهيئة وقد قاموا باقتحام المكان وخلع الباب المؤدي إلى مستودع الهيئة والاعتداء على الإطارات المكلفة بإتمام إجراءات جرد وتأمين ممتلكات الهيئة،كما جاء في البيان أن الهيئة تحتفظ بحقها في التتبع القضائي لهؤلاء ومن يقف وراءهم.
«قرارات باتة»
في ما يتعلق بقرارات جبر الضرر وما رافقها من تساؤلات حول عمليات التسليم بعد أن انتهت مهام الهيئة فقد أبرمت المصفية سهام بن سدرين اتفاقيات مع كلّ من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من اجل تمكينها من استغلال مقراتها الجهوية للغرض والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية صوت الإنسان من اجل تسليم قرارات جبر الضرر من مقراتها بالنسبة للضحايا بتونس الكبرى وهذا ما يطرح عدّة تساؤلات حول مدى قانونية هذا الإجراء،كما تحدثت بن سدرين عن أعوان الهيئة الذين يواصلون عملية تسليم القرارات فكيف ذلك والهيئة قد انتهت مدّتها القانونية وفي صورة تكليف أعوان الأطراف المتفق معها أعلاه فهذا يطرح مسألة مهمة وهي المعطيات الشخصية للضحايا. من جهة اخرى اعتبرت بن سدرين أن قرارات جبر الضرر غير قابلة للطعن من أي جهة كانت وهو ما يعني أن الضحايا ليس أمامهم سوى القبول بها.