سنة التمديد، نهاية يبدو أنها على الورق فقط خاصة عندما نرى عملية التصفية متواصلة فيما يتعلّق بقرارات جبر الضرر ولكنها معطّلة تماما بالنسبة لملف الأرشيف، وضعية تثير الكثير من التساؤلات حول مدى شرعية ما يحصل بعد 31 ماي 2019 وعن مآل أرشيف هيئة الحقيقة والكرامة عندما تغلق أبوابها خاصة وأن مؤسسة الأرشيف الوطني لم تتسلّم أي وثيقة إلى حدّ كتابة هذه الأسطر وهناك حديث عن إتلاف جزء هام من الأرشيف، إلى متى سيتواصل صمت الحكومة والبرلمان على هذه الاخلالات التي فاقت كل الحدود؟.
وللتذكير فإن مصفية هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين قد صرّحت في وقت سابق أنه سيتم الانطلاق في تسليم الأرشيف إلى مؤسسة الأرشيف الوطني بداية من 10 ماي المنقضي ولكنها كانت مجرّد زوبعة في فنجان إذ نفى الهادي جلاب أي تواصل مع الهيئة بخصوص هذا الملف وأن المؤسسة لم تتسلّم شيئا.
مهام متواصلة
صرّحت مصفية هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين مؤخرا أنه سيتم تسليم آخر قرار جبر ضرر بتاريخ 31 ماي المنقضي وهو موعد انتهاء عمر الهيئة ولكن اليوم نجدها تصدر بلاغا توضح فيه أن عملية تسليم ما تبقى من تلك القرارات لأصحابها سيكون عن طريق البريد بالنسبة لتونس الكبرى ،أما بالنسبة للضحايا بالجهات فتبقى عملية التسليم كما هو معمول بها وفق نصّ البلاغ،خلاصة هذه الكلمات هي أن الهيئة ستواصل مهمّة تسليم قرارات جبر الضرر للضحايا بعد انتهاء مدّتها القانونية وهنا يطرح السؤال عملية الإعداد لإرسال القرارات عبر البريد ستتم داخل مكاتب الهيئة وبالتالي تواصل المصفية استغلال المقرّ لما بعد 31 ماي 2019 ؟ وفي صورة أغلقت أبوابها أين ستقوم بهذه المهمة؟.
ماذا عن الأرشيف؟
ينصّ القانون الأساسي للعدالة الانتقالية المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 على أن هيئة الحقيقة والكرامة تقوم بتسليم أرشيفها كاملا إلى مؤسسة الأرشيف الوطني أو لأخرى يتم تكوينها للغرض،اليوم وصلت الهيئة إلى نقطة النهاية ولكن الأرشيف لا يزال بحوزتها وهو ما يعتبر مخالفا للقانون إذ لم تقم مصفّية الهيئة بأي إجراء أو تنسيق مع مؤسسة الأرشيف الوطني من أجل تسليمها ما لديها من وثائق ورقية كانت أو الكترونية بل أكثر من ذلك فقد تجاهلت مراسلات مدير عام تلك المؤسسة التي أرسلها منذ 2018 يطلب فيها تكوين لجنة مشتركة تضمّ تقنيين،مهنيين ومختصين في الإعلامية والأرشيف من الطرفين لما تتطلبه هذه المهمّة من دقّة وتثبت في جرد الوثائق للوقوف على ما إذا كان هناك إتلاف للبعض منها من عدمه،وضعية تفتح باب التساؤل عن مآل الأرشيف؟ وما الهدف وراء التأخير في تسليمه رغم انتهاء المدّة القانونية للهيئة خاصة وأن هناك حديثا عن نيّة بن سدرين عدم تسليم كلّ ما لديها وأن هناك عملية انتقائية لبعض الوثائق وهناك أيضا من تحدّث عن وجود نسخة أخرى من الأرشيف مجهولة المكان ولكنها خارج الهيئة،وضعية تستدعي التحرّك العاجل للحكومة باعتبارها مرجع النظر بالنسبة لمؤسسة الأرشيف الوطني ووقف هذه المهزلة.
شبهات فساد وتجاوزات بالجملة
لا يمكن الحديث عن مسيرة هيئة الحقيقة والكرامة دون أن نتطرّق إلى تقرير دائرة المحاسبات الذي تضمّن نتائج عمله الرقابي صلب تلك الهيئة، تقرير كشف العديد من التجاوزات في أعمال فريق «سفينة العدالة الانتقالية» وصلت حدّ الحديث عن شبهات فساد وإهدار للمال العام،من جهة أخرى هناك شهادات من أهل الدار عملوا في الهيئة وصفوا ما جاء في تقرير دائرة المحاسبات بأنه كشف رأس جبل الجليد فقط وما خفي كان أعظم ، وهناك من تحدث منهم أيضا عن تحويل الهيئة إلى إدارة مخابرات بأتم معنى الكلمة، فمن المسؤول؟ ومن يحاسب من في ظلّ الصمت المريب للحكومة تجاه كلّ هذا الخور؟.