بعد رفضه لمشروع قانون المصالحة الشاملة والمطالبة بسحبه: لقاء منتظر بين الائتلاف المدافع عن مسار العدالة الانتقالية والمجلس الأعلى للقضاء

شرعت الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية منذ السنة المنقضية في فتح عدد من الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان

(تعذيب،قتل،اغتصاب،اختفاء قسري...) والتي كانت قد أحالتها هيئة الحقيقة والكرامة على تلك الدوائر كلّ حسب المرجع الترابي الراجع إليه بالنظر ،خطوة باركها كلّ المتابعين لهذا الشأن واعتبروها مؤشرا ايجابيا لدعم مسار العدالة الانتقالية الذي من أهم قواعده المحاسبة وردّ الاعتبار ولكن بعد اقتراح وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني لمشروع قانون ما أسمته بالمصالحة الشاملة فإن الأمور اتخذت منحى آخر وأصبح هناك جدل كبير حول هذه الوثيقة المرفوضة أساسا من المجتمع المدني والائتلاف المدافع عن العدالة الانتقالية.

ضحايا الانتهاكات الجسيمة الذين لا يزالون على قيد الحياة وكذلك عائلات من قتلوا كان هدفهم عندما قدّموا ملفاتهم إلى هيئة الحقيقة والكرامة هو محاسبة جلاديهم وردّ الاعتبار لهم ولكن هل يتحقّق الحلم؟.

«مرحلة ساخنة»
من المنتظر أن يعقد مجلس وزاري مضيّق للنظر في مشروع قانون العفو الشامل الذي تقدّمت به وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية ومناقشة فصوله وذلك قبل إحالته على البرلمان الذي يحيله بدوره على اللجنة المعنية من اجل مناقشته والاستماع إلى الأطراف المتداخلة فيه وكذلك اخذ الرأي الاستشاري للمجلس الأعلى للقضاء ،في ظلّ الجدل الذي أثارته هذه الوثيقة منذ ظهورها فإنه من المنتظر أن تكون المرحلة المذكورة أعلاه ساخنة بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات والجمعيات الحقوقية من جهة وبين أعضاء البرلمان من جهة أخرى،خاصة وأن مشروع القانون يهدف في عدد من فصوله إلى تكوين لجنة تعنى بالمصالحة و الاعتذار وبالتالي لم يعد هناك داع لوجود الدوائر القضائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية لأن التتبعات العدلية ضدّ مرتكبي الانتهاكات ستسقط بعد المصالحة وعليه يتم سحب تلك القضايا وإلغاء الدوائر المتخصّصة التي رصدت لها اعتمادات كبيرة من اجل تركيزها ،فهل يمكن الحديث هنا عن مسار عدالة انتقالية دون محاسبة وردّ الاعتبار ؟.

«لا للمصالحة الشاملة في الانتهاكات الجسيمة»
منظمات المجتمع المدني والائتلاف المدافع عن مسار العدالة الانتقالية كانوا قد عبروا صراحة عن رفضهم لمشروع الحكومة المتعلق بالمصالحة الشاملة وطالبوا بسحبه من خلال بيان أصدروه في الغرض بتاريخ 26 افريل المنقضي وذلك في شكل ردّ على وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني التي يقودها محمد الفاضل محفوظ إذ نشرت على صفحتها الرسمية معطيات تفيد بأن اللقاء الذي جمع هذا الأخير بوفد من الائتلاف وتباحثا من خلاله الطرفان التشاوري حول كيفية مساهمة مختلف منظمات المجتمع المدني والقوى الوطنية في بناء تصور مشترك يساعد على تحقيق المصالحة الشاملة ومزيد تكريس الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان كما كان هذا اللقاء التشاركي فرصة أعرب خلالها الحاضرون عن رغبتهم في مواكبة الحلقات الاستشارية الجهوية التي تعتزم مصالح العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان تنظيمها خلال شهر رمضان لتتوج بحوار وطني في أوائل جوان 2019. حيث أكد الممضون على البيان أن الهدف الوحيد من اللقاء كان التأكيد للوزير عن رفضهم المطلق لمشروع قانون العفو الشامل الذي أعدته الوزارة والذي يمنح عفوا عاما لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وينسف مسار العدالة الانتقالية نافين أيضا إبداءهم أي التزام لحضور أي حوار حول الموضوع.

الائتلاف المتكون من عدد من الجمعيات والمنظمات طالب بسحب هذا المشروع كما التجأ إلى المجلس الأعلى للقضاء بما أن الأمر يتعلق بالدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية الراجعة له بالنظر إذ من المنتظر أن يستقبل المجلس وفدا عن الائتلاف لمناقشة المسألة وذلك يوم الجمعة 31 ماي الجاري،علما وان الرئيس المؤقت للمجلس الأعلى للقضاء كان قد عبّر في تصريح سابق لـ«المغرب» عن رفضه لأي تدخل تشريعي أو تنفيذي في القضاء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115