الوزن الثقيل (تشريعية ورئاسية)، الفشل في تخطي عتبات مجلس نواب الشعب هو قدر هذه الهيئة القضائية الدستورية التي تاهت في نفق التجاذبات السياسية و«لغة» البحث عن التوافقات بين الكتل النيابية،اليوم وقد مرّ أكثر من سنة على فتح البرلمان لملف انتخاب أربعة أعضاء من المرشّحين لعضوية المحكمة الدستورية ولم تنجح الجلسات العامة سوى في انتخاب عضو وحيد في جلسة مارس 2018 وهي روضة الورسيغني،ملف تحوّل إلى أزمة حقيقية دقّت نواقيس الخطر.
ست جلسات عامة عقدها مجلس نواب الشعب خصّصت لانتخاب ما تبقى من نصيبه في عضوية المحكمة الدستورية وهم ثلاثة أعضاء ولكن الفشل الذريع كان عنوان خمسة منها والسبب غياب التوافقات فكلّ كتلة متمسكة بمرشحيها والنتيجة تعمّق الأزمة.
إلى متى؟
مرّ أكثر من شهر على سحب سناء عاشور المختصة في القانون والعلوم السياسية لترشحها لعضوية المحكمة الدستورية عن كلّ من كتلة الجبهة الشعبية، الكتلة الحرة والكتلة الوطنية،قرار قرأه عديد الملاحظين على انه صائب وربما يكون مؤشّرا ايجابيا للتوصل إلى توافقات بين الكتل النيابية خاصة وان عاشور كانت من المرفوضين من قبل إحدى الكتل،ولكن هذا الأمل سرعانما تبخّر وذلك بعد أن تقرر تأجيل الجلسة العامة الذي برمجت ليوم 30 أفريل المنقضي ( أي بعد أسابيع من مغادرة سناء عاشور للسباق ) وذلك بطلب من كتلة الحرّة التي عبرت صراحة عن رفضها لمرشّح الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية العياشي الهمامي،ومنذ ذلك التاريخ فإن هذه الملف لا يزال يراوح مكانه ولم نجده ضمن جدول أعمال البرلمان المتعلّق بالجلسات العامة إلى حدّ اليوم،الأمر أصبح يثير القلق والتساؤلات عن موعد انتهاء كلّ هذه التجاذبات وتحمّل الكتل النيابية لمسؤولياتهم تجاه هذا الوطن ووضع مصلحة البلاد فوق كلّ الاعتبارات والحسابات السياسية الضيقة ومعركة الكراسي.
إعادة فتح الترشحات ولكن...
أمام انسداد سبل التوافق بين الكتل النيابية على ثلاث أسماء ليكتمل الجزء الأول من تركيبة المحكمة الدستورية (أربعة أعضاء) رأت اللجنة الانتخابية أن تعيد فتح باب الترشح وذلك بقرار من مكتب البرلمان في 7 مارس المنقضي لعلّه يكون مفتاحا لهذه الأزمة التي استغرقت أكثر من سنة ولم تجد طريقها إلى الحلّ،ولكن الكتل النيابية أعادت ترشيح نفس الأسماء دون زيادة ولا نقصان وبذلك بقيت دار لقمان على حالها ،اللجنة الانتخابية من جهتها وفي إطار ممارسة صلاحياتها المتعلقة بفرز الترشيحات القديمة المتجددة رفضت ملف سناء عاشور لعدم توفره على وثيقة التصريح على الشرف ،هذه الأخيرة رأت أن لا تعيد تقديمه وأن تنسحب من السباق لأنها تتوقع عدم قبول ملفها وفق ما شرحته في رسالة الانسحاب.
أمام هذا الملف الذي أصبح ينطبق عليه لقب «المعضلة» وأمام جدار الصدّ الصلب المتكوّن من الكتل النيابية المتمسّكة بقراراتها وبمرشحيها يبقى ملف المحكمة الدستورية حبيس مجلس نواب الشعب في انتظار إيجاد التوافق شبه المستحيل أو ربما اللجوء إلى الحلّ تشريعي حتى تواصل هذه الهيئة الدستورية طريقها نحو التركيز الفعلي.