وإهدار المال العام بطريقة أو بأخرى،هذه الملفات تتطلب الكثير من الدّقة في التقصي نظرا لتشعبها ولكن في عديد القضايا فإن السبب الأساسي الذي يقف وراء طول نشرها وعدم تقدّم الأبحاث فيها هو عدم رفع الحصانة عن المشتكى بهم،نتحدّث هنا عن عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب الذين وردت بشأنهم مطالب في رفع الحصانة منذ سنوات ولكن إلى اليوم دون مجيب،في هذا الإطار قامت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية بالاستماع أمس الخميس 2 ماي الجاري إلى وزير العدل كريم الجموسي وذلك حول منهجية التعاطي مع طلبات رفع الحصانة الموجهة من السلطة القضائية إلى المجلس في علاقة بتأويل أحكام الدستور ذات الصلة.
الحصانة هي بمثابة الحاجز بين حاكم التحقيق والمشتكى بهم ممن يتمتعون بهذا الامتياز لأنه يحول دون التعمّق في عملية البحث والتقصي لأي ملف يكون طرف فيه «محصّن» من قبل مجلس نواب الشعب ولا يمكن كسر هذا الحاجز إلاّ بقرار من هذا الأخير عقب جلسة عامة.وللتذكير فإن هيئة النفاذ إلى المعلومة قد قضت في أكتوبر 2018 بتمكين أصحاب الدعاوى المنشورة من القائمة الاسمية للنواب الذين تتعلّق بهم مطالب في رفع الحصانة.
«تقريب وجهات النظر»
«لا للإفلات من العقاب» شعار رفع منذ أكثر من ثماني سنوات ولا يزال يزيّن المحافل الوطنية التي تحييها البلاد ،فمع كلّ مناسبة تصدح الأصوات المنادية بضرورة محاسبة الفاسدين وتحديد المسؤوليات،ولكن هذا الشعار وحسب عديد الملاحظين والمتابعين للشأن العام من مجتمع مدني وغيره بقي مجرّد حبر على ورق وكلمات توضع في الواجهة مع كلّ حادثة فساد أو إهدار للمال العام،بل الأغرب من ذلك أنه (أي الشعار) نجده حاضرا أيضا في مجلس نواب الشعب أين يوجد عدد من النواب الذين في رصيدهم قضايا مختلفة منشورة لدى القضاء وقد وردت في شانهم مطالب لرفع الحصانة من اجل استكمال الأبحاث والأعمال الاستقرائية من قبل حاكم التحقيق ولكن هذه الملفات لا تزال في أروقة قبّة باردو. في هذا السياق برمجت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والانتخابية جلسة عقدت أمس الخميس 2 ماي الجاري خصّصتها للاستماع إلى وزير العدل حول جملة من الإشكاليات العالقة بخصوص هذا الملف الشائك والمثير للجدل ،لمزيد من التفاصيل حول فحوى الجلسة وما تم التوصّل إليه بين الطرفين تحدثنا مع شاكر العيادي رئيس اللجنة المعنية الذي قال في تصريح لـ«المغرب» إن «الجلسة التي عقدناها كانت مبرمجة وذلك لرفع بعض الغموض الذي كان يسود ملف مطالب رفع الحصانة عن عدد من النواب ومحاولة توحيد الإجراءات وتقريب وجهات النظر وبالتالي رأينا أنه من الضروري الاسترشاد برأي وزير العدل والوفد المرافق له لمعرفة قراءتهم للنصوص القانونية سواء منها الفصلين 68 و66 من الدستور أو الباب الرابع من النظام الداخلي في محاولة لتوحيد الرؤى وحلّ المسالة في إطار الشفافية وحتى لا يقال أن اللجنة أو مجلس نواب الشعب لا يرغب في رفع الحصانة أو غير ذلك».
«سبع قضايا لنائب فقط»
من جهته أعلن وزير العدل في تصريح له على خلفية حضوره في جلسة الاستماع صلب لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية عن وجود 25 مطلبا لرفع الحصانة عن نواب بمجلس الشعب تقدّمت بهم السلطة القضائية إلى مكتب المجلس مبيّنا أن خمسة من بين المعنيين بتلك المطالب عبّروا عن عدم تمسّكهم بالحصانة وفق تعبيره. في ذات السياق قال شاكر العيادي رئيس اللّجنة إن «هذا اللقاء مع وزير العدل خطوة هامة وقد توصلنا من خلاله إلى ضرورة تكثيف اللقاءات من اجل إيجاد حلول مشتركة وقراءة موحّدة للإجراءات وللنصوص القانونية ،كما اتضح أنه هناك ملفات تتعلق برفع الحصانة لا تمر عبر وزير العدل الذي عبّر عن تفاجئه بها خلال الجلسة إذ ترسل من القضاء إلى مجلس النواب مباشرة دون المرور بمبدإ التراتبية أي من قاضي التحقيق إلى الوكيل العام لمحكمة الاستئناف،منه إلى وزير العدل ومن هذا الأخير إلى مكتب المجلس الذي يحيلها بدوره إلى لجنة النظام الداخلي التي تنظر فيها وتحيلها على مكتب المجلس مرّة أخرى لبرمجة جلسة عامة في الغرض للتصويت على قرار رفع الحصانة من عدمه». أما في ما يتعلق بعدد الملفات فقد اوضح محدثنا بالقول «اعلن وزير العدل خلال الجلسة وفق عدد تقريبي بان عدد مطالب رفع الحصانة بلغ حوالي 20 ملفا تتعلّق بـ13 نائبا من بينها سبع قضايا تتعلّق بنائب فقط ،علما وان اللجنة قد أحيلت عليها منذ ما يزيد عن شهر أربع مطالب قمنا بدراستها شكلا وموضوعا وقرّرنا اعادتها الى مكتب المجلس نظرا لوجود اخلالات شكلية فيها».