الدائرة المتخصّصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بقابس أمس الثلاثاء ملف شهداء الثورة وجرحاها بمدينة الحامة والتي جدّت أطوارها يوم 3 جانفي 2011 عندما خرج المتظاهرون للمطالبة بإسقاط النظام وقد أسفرت الأحداث عن مقتل ثلاثة شبان هم خالد بوزيان ونوفل غماقي وحسونة عدوني وجرح آخرين، ملف قضية الحال تمت إحالته من قبل هيئة الحقيقة والكرامة على الدائرة المذكورة سلفا وذلك في إطار محاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتي من بينها القتل، هذا وقرّرت الدائرة الجالسة تأجيل النظر في الملف إلى موعد لاحق.
وللتذكير فإن الدائرة القضائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية بقابس متعهّدة بمجموعة من الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي أحيلت عليها من هيئة الحقيقة والكرامة على غرار قضية كمال المطماطي وتتمثل في الاختفاء القسري والتعذيب نتج عنه الموت.
من القضاء العسكري إلى العدالة الانتقالية
وبالعودة إلى مسار هذا الملف عندما كان منشورا لدى القضاء العسكري فقد تم في البداية توجيه تهمة القتل العمد ومحاولة القتل العمد إلى ثمانية أعوان من منطقة الأمن بالحامة الذين أحيلوا بحالة سراح، بالإضافة إلى توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق بن علي ولكن في الطور الاستئنافي تمت إعادة تكييف تلك التهم. أما فيما يتعلّق بالإحكام الصادرة عن القضاء العسكري في هذا الملف فقد تراوحت في الطور الابتدائي بين 10 و15 سنة سجنا للأمنيين المتهمين بالقتل العمد ومحاولة القتل ولكن في الطور الاستئنافي تم الحطّ من تلك العقوبات لتتراوح بين البراءة و7 سنوات سجنا فقط،القضية نفسها اليوم أمام الدائرة المتخصّصة في العدالة الانتقالية التي نظرت فيها أمس لأوّل مرّة وقامت بالاستماع إلى عائلات الشهداء وكذلك إلى المصابين في حين تغيّب المتهمون عن هذه الجلسة ،وقررت المحكمة تأجيلها إلى موعد لاحق وفق ما فادتنا به هاجر غماقي شقيقة احد الشهداء.
«لا للإفلات من العقاب»
نفّذت عائلات شهداء وجرحى الثورة بالحامة التي سجّلت حضورها أمس في أولى جلسات المحاكمة في القضية وقفة احتجاجية أمام مقرّ المحكمة الابتدائية بقابس مطالبة بمحاسبة الجناة وعبّرت عن تمسّكها بمطلب نشر قائمة الشهداء بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، هذا وقد رفع المحتجون شعارات من بينها «الشهيد خلى وصيّة لا تنازل على القضية» و«لا للإفلات من العقاب»،هنا تقودنا هذه العبارات للحديث عن مشروع القانون المزمع تمريره والمتعلّق «بالعفو الشامل لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان» ،هذا المشروع الذي لاقى انتقادات كبيرة من قبل الائتلاف المدافع عن العدالة الانتقالية والذي عبّر المشاركون فيه عن رفضهم القاطع له لأنه ينسف المسار بأكمله.هذه الوثيقة التي تهدف إلى مصالحة بين الجلادين والضحايا وفي صورة ثبوت مبدأ الرّغبة في تمريره يطرح السؤال لماذا تم تركيز هيئة الحقيقة والكرامة؟ لماذا أحدثت الدوائر المتخصّصة في العدالة الانتقالية؟،لماذا كلّ هذه الوعود والأمل للضحايا بأن من انتهك حقوقهم سيحاسب؟،فهل بالتعويضات المادية تمحى أثار التعذيب والقتل والاغتصاب ....؟. في ذات الإطار علّقت هاجر غماقي فقالت «نحن متمسكون بنشر القائمة وتنفيذ أحكام القضاء العسكري كما أننا نرفض ذلك المشروع ونطالب بالمحاسبة وتطبيق القانون».