تظهر واقعة أخرى على السطح ولكن هذه المرة بمركز الإحاطة والتوجيه الاجتماعي بصفاقس اين يتعرّض الأطفال المقيمون فيه (إناث وذكور) إلى سوء معاملة وتحرش جنسي واغتصاب إضافة للاتجار بالبشر وفق ما كشف عنه رئيس جمعية «براءة» لحماية الطفولة المهدّدة حسام شقرون خلال جلسة استماع بالبرلمان اذ وصف ذلك المركز «ببيت دعارة حكومي بامتياز. على المستوى القضائي تحدثنا مع مراد التركي الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس الذي قدّم لنا جملة من المعطيات.
ما يحدث داخل مركز الإحاطة والتوجيه الاجتماعي بصفاقس والذي تم توثيقه صوتا وصورة مثّل صدمة لأعضاء لجنة شؤون المرأة والطفولة والشباب والمسنين،واقعة تعتبر جريمة في حقّ الطفولة والتي تستوجب التحرّك الفوري والعاجل لوقف هذا النزيف الذي يفتك في كلّ مرّة بالأطفال الأبرياء.
حقائق مذهلة وصادمة
تأسس مركز الإحاطة والتوجيه الاجتماعي بصفاقس سنة 2013ولكن انطلاقته الفعلية كانت سنة 2014 بطاقة استيعاب جملية مقدرة بـ 60 مقيما، وتتمثل مهامه في احتضان الأشخاص الذين يعيشون صعوبات، وفاقدي السند المادي والمعنوي، ولكن يبدو أن هذه المهام النبيلة والإنسانية بقيت مجرّد حبر على ورق وصورة لتزيين المركز من الخارج أما الحقيقة فعكس ذلك،فقد تحوّل ذلك المكان إلى كابوس يتعرّض فيه الأطفال إلى التحرّش الجنسي ،الاغتصاب وسوء المعاملة،كلّها حقائق كشف عنها رئيس جمعية براءة الذي قال في جلسة الاستماع « تلقت الجمعية بتاريخ 23 مارس 2019 اتصالا هاتفيا من أم عزباء متواجدة بالشارع رفقة ابنتها الرضيعة ذات الخمسة أشهر طلبت التدخل لمساعدتها بعد مغادرتها المركز نتيجة لسوء المعاملة والاهانة والمس من الكرامة الإنسانية التي طالتها هي وجميع المقيمين بالمركز دون استثناء ،كما أكدت عديد الشهادات وجود انتهاكات في حق الطفولة وعنف مسلط على المرأة، انطلاقا من الاعتداء اللفظي والمادي، مرورا بالتحرش الجنسي، ومواقعات جنسية ضد قصر وصولا إلى محاولات اغتصاب من قبل بعض أعوان الرعاية الحياتية بالمركز، إضافة لغياب الرعاية الصحية اللازمة، وإقدام بعض الضحايا على الانتحار».
ماذا عن الجانب القضائي؟
أمام هذا الكمّ الهائل من التجاوزات والجرائم المرتكبة في حقّ الطفولة لا بد من محاسبة الجناة وتحديد المسؤوليات الجزائية في هذا السياق ولمعرفة أكثر تفاصيل حول هذا الملف على المستوى القضائي تحدّثنا مع مراد التركي الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس الذي أفاد بان هذه الحادثة تعود أطوارها إلى ماي 2018 عندما ورد إشعار على مندوب حماية الطفولة بالجهة مفاده سوء معاملة داخل مركز الإحاطة والتوجيه بصفاقس ورداءة في الأكل،تنقّل المندوب على عين المكان لاستجلاء حقيقة ما يحدث اذ تأكّد من رداءة الأكل فراسل الإدارة الجهوية للصحة والسلط المعنية التي أذنت بغلق المطعم المزوّد لذلك المركز،من جانب آخر تعهّد قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بصفاقس 2 بوضعية الأطفال وذلك منذ 22 جويلية 2018 حيث تعدّدت جلسات الاستماع لهم وللإطارات العاملة بالمركز و عليه كلّف قاضي الأسرة مندوب حماية الطفولة بالجهة بمتابعة الوضعية وقدّم تقارير آخرها بتاريخ 14 سبتمبر حول وجود شبهة تعرض طفلة للتحرّش الجنسي والعنف داخل المركز ،إذ تواصلت زيارات مندوب الطفولة للمكان،هذا وأضاف التركي أن الأطفال الستّة الذين كانوا يقيمون بالمركز غادروه بقرارات قضائية وتم توزيعهم على مراكز أخرى بكلّ من أريانة ،سيدي بوزيد،سوسة والزهروني،كما تم تسليم طفلة منهم إلى والدتها ،وتتواصل عملية متابعة وضعية المركز من قبل قاضي الأسرة.
في الجانب الجزائي للملف فقد قام مندوب حماية الطفولة بصفاقس منذ 26 جوان المنقضي بإعلام وكيل الجمهورية بمحكمة صفاقس 2 بجميع المعطيات حول المركز محلّ الشبهة إذ تم في اليوم الموالي فتح بحث تحقيقي حول سوء المعاملة وظروف الإقامة ومدى حصول اعتداءات وانتهاكات ،قلم التحقيق المتعهّد قام بتكليف الفرقة المختصة في قضايا العنف ضدّ المرأة التابعة لمنطقة الحرس الوطني بصفاقس ولا تزال الأبحاث جارية،اما في ما يتعلّق بشبهة تعرّض طفلة إلى التحرّش الجنسي فقد تم فتح بحث تحقيقي ثاني منذ 9 سبتمبر 2018 ضدّ كلّ من عسى أن يكشف عنه البحث من اجل الاعتداء بالعنف الشديد المجرّد على طفلة ومن اجل الاعتداء بفعل الفاحشة على طفلة ممن له سلطة عليها واستغلال نفوذ وظيفه طبقا للفصلين 2018 و228 من المجلة الجزائية في انتظار ما ستسفر عنه الابحاث التي لم تنته بعد.