وتنظيمها والإجراءات المتبعة لديها على الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب للتصويت على مختلف فصوله.
يوضع اليوم البرلمان، من جديد، أمام اختبار لا يقل أهمية عن اختبار «إرساء المحكمة الدستورية» والتي ما تزال الى حدّ كتابة الأسطر معطّلة. ومن المنتظر أن يتولى نواب الشعب اليوم الحسم في إرساء حلقة هامة من حلقات السلطة القضائية، حيث ستباشر الجلسة العامة، اليوم الأربعاء، التصويت على مشروع القانون الأساسي لمحكمة المحاسبات فصلا فصلا.
في هذا الإطار فقد عقدت جمعية القضاة التونسيين بالتعاون مع الشبكة الاورو المتوسطية للحقوق ندوة إعلامية لإنارة الرأي العام حول مضمون هذا القانون وتسليط الضوء على أهم المحاور التي تضمنها وفق ما اكّده رئيس جمعية القضاة انس الحمادي لـ«المغرب».
«صلاحيات واسعة»
اكد انس الحمادي اهمية هذا القانون الاساسي لمحكمة المحاسبات، مشيرا الى المسار الاجرائي الذي مر به هذا المشروع منذ بداية إعداده لدى اللجان الأولية الى حين وصوله الى مجلس نواب الشعب وإحالته على الجلسة العامة.
وافاد بان الجمعية قد سلطت ، خلال الندوة الاعلامية المنعقدة اول امس الاثنين، الضوء على أهم المحاور والفصول التي تضمنها مشروع القانون والتي تقوم في الأساس بتحديد تنظيم محكمة المحاسبات واختصاصاتها والإجراءات المتبعة لديها.
كما تم كذلك التأكيد على أهمية هذا القانون من خلال الصلاحيات الواسعة التي يمنحها لمحكمة المحاسبات لإجراء الرقابة على المال العام وحسن التصرف فيه وتفعيل مبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية وكذلك تسليط رقابتها على الجمعيات والاحزاب السياسية التي تتلقى التمويل العمومي على حدّ تعبيره.
وشدد مصدرنا على اهمية قانونية مشروع القانون الحالي خاصة وانه يفعّل الاحكام التي وردت بالفصل 117 من الدستور، كما انه يعيد تنظيم النيابة العمومية داخل المحكمة ويعطيها صلاحيات واسعة في تتبع كل مظاهر الفساد في ارتباط بالتصرف في المال العام وفق مصدرنا.
«التسريع بالمصادقة»
من جهة اخرى فقد أكد انس الحمادي ضرورة التسريع في المصادقة على هذا القانون في اقرب الأوقات وعدم تاجيلها الى وقت لاحق، مؤكدا ان مسار المصادقة على هذا القانون كان مسار تشاركيا كافيا لارساء قانون متوازن وسليم.
وأوضح بانه قد تم عرض مشروع قانون الحال على جمعية القضاة التونسيين في العديد من المناسبات التي انطلقت لدى الإعداد الاولي والذي دام من 2011 الى 2015. وقد تمت في ما بعد إحالته على رئاسة الحكومة، والتي قامت هي الأخرى باستشارة موسعة لكافة الهياكل المتدخلة والوزارات والادرات المعنية بالامر ثم وفي 2016 تمت إحالته على مجلس نواب الشعب.
وقد قامت لجنة التشريع العام، كذلك باستدعاء كافة الاطراف واستمعت الى آرائهم سواء من قضاة محكمة المحاسبات او من خارجها وفق محدّثنا.
واعتبر محدّثنا انّه ورغم النقائص البسيطة التي تضمنها مشروع قانون الحال، فان مقترحات التعديل التي قدّمها عدد من النواب تحت قبة البرلمان كفيلة برفع كل النقائص التي قد تكون قد علقت به، مشيرا الى ان المسار التوافقي والتشاركي لهذا القانون قد ساهم منذ البداية في تنقية هذا المشروع من العديد من الشوائب.
واعتبر الحمادي ان قانون محكمة المحاسبات حلقة من حلقات إرساء مؤسسات السلطة القضائية وانجاح المسار الانتقالي الديمقراطي في تونس.
«حلقة تاريخيّة»
شدد رئيس جمعية القضاة التونسيين على انّ قانون محكمة المحاسبات لا يقل اهمية عن قانون المحكمة الدستورية مؤكدا ان ارساء محكمة المحاسبات بجبتها وحلتها الجديدة المطابقة لدستور 2014 حلقة تاريخية ليس في تاريخ محكمة المحاسبات او في تاريخ القضاء التونسي فحسب وانما في مسيرة الانتقال الديمقراطي وإنجاحه بصة عامّة.
واعتبر محدّثنا ان محكمة المحاسبات هي من أهم الركائز والدعائم الأساسية للنظام الديمقراطي والحوكمة الرشيدة ولتفعيل مبادئ الشفافية والرقابة وحسن التصرف في المال العام ومناهضة كل مظاهر الفساد.
وتجدر الاشارة الى ان عددا هاما من قضاة محكمة المحاسبات قد عبروا، خلال الندوة الاعلامية التي عقدتها جمعية القضاة التونسيين بدعم من الشبكة الأورو متوسطية للحقوق عن مساندتهم ودعمهم لهذا القانون. كما تم تحرير عريضة دعم لهذا القانون وقام عدد كبير من قضاة محكمة المحاسبات بالتوقيع عليها للتعبير عن موافقتهم على مشروع القانون ومطالبتهم بضرورة إرسائه والمصادقة عليه والعمل على اجهاض كل محاولات إرجائه أو إسقاطه من أي جهة كانت وفق ما أكده الحمادي. واوضح بان هذه العريضة «تؤكد ان عدد القضاة المعارضين لهذا القانون قليل جدّا يكاد لا يذكر مقارنة بعدد الإمضاءات الذي تضمنتها العريضة والتي تنمّ عن رغبة المعنيين بالامر الملحة في تمرير هذا القانون والمصادقة عليه وعلى موافقتهم على مختلف الأجزاء والفصول والمحاور والابواب التي وردت به».
واكد في السياق نفسه بان «جمعية القضاة قد عبرت عن ثقتها في نواب الشعب بكافة حساسياتهم ومختلف الكتل التي ينتمون إليها في تحمل المسؤولية المخوّلة لهم قصد المصادقة على هذا القانون وحمايته من أي محاولات الإرجاء او الإسقاط».