ففي الوقت الذي تعهّدت فيه الجهات القضائية المختصّة بالقضية للوقوف على حقيقة ما وقع وتحديد المسؤوليات من خلال إجراء سلسلة من الأبحاث فقد تم فتح تحقيق صلب وزارة الصحة من اجل كشف سبب وفاة هؤلاء الأطفال وهل الأمر ناتج عن تقصير وخطإ بشري أم عن تعفّن في الأدوية،من جانب آخر هذه الحادثة رفعت الستار عن الخور والفساد وجملة الاخلالات التي يعاني منها قطاع الصحّة العمومية منذ سنوات،وزير الصحة زمن الواقعة خيّر الاستقالة ولكن من المنتظر أن يمثل أمام البرلمان في جلسة استماع حول الوضع عموما وحادثة وفاة الرضع بصفة خاصة.
وللتذكير فإن هذه الواقعة أسفرت عن فتح بحث تحقيقي في قضيتين الأولى لدى ابتدائية تونس وتتعلّق بوفاة الرّضع أما الثانية فقد تعهّد بها القطب القضائي الاقتصادي والمالي وتتعلّق بشبهة فساد.
التحقيقات جارية
منذ وقوع الحادثة أعلنت سنية بالشيخ وزيرة الصحة بالنيابة عن تشكيل لجنة وصفت بالمستقلّة تتكون من اثني عشر خبيرا بالاضافة الى ممثل عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و هيئات أخرى تم تكليفها بالتحقيق في تلك الكارثة لمعرفة الأسباب التي أودت بحياة 15 رضيعا دفعة واحدة،في هذا السياق أفاد رئيس تلك اللجنة محمد الدوعاجي في تصريح سابق أنه تم إرسال خمسة تحاليل لعدد من المخابر التونسية لتحديد الأسباب النهائية التي كانت وراء ما اعتبره تعفنا، نتائج تلك الاختبارات ينتظر أن تعلن عنها اللجنة للرأي العام وفق ما أفاد به رئيسها خلال ندوة صحفية سابقة،إذ يتم أيضا إحالتها على القضاء لاستكمال أعماله على ذلك الأساس وتحديد المسؤوليات،علما وانه قد تم إجراء سلسلة من السماعات لدى القضاء في ملف قضية الحال.
ماذا عن وزير الصحة المستقيل؟
لئن أشاد العديد من الأطراف السياسية وغيرها بتقديم وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف استقالته بعد كارثة مستشفى الرابطة إلاّ أن ذلك لا يعني إبعاده عن الملف خاصة وان الأمر يتعلّق بوضع الصّحة العمومية الذي اقل ما يقال عنه انه كارثي ،قطاع نخره الفساد والخور حدّ النخاع رغم تداول العديد من الوزراء على هذه الحقيبة، في هذا السياق عقدت لجنة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والشباب والمسنين جلسةً مؤخرا عبّر خلالها أعضاؤها عن استنكارهم لما وصلت إليه منظومة الصحة العمومية من تردّ بسبب الضغط المتزايد على طاقة الاستيعاب والإيواء، وتقادم التجهيزات، والنقص الفادح في الإطارات الطبية وشبه الطبية والتقنيين، فضلا عن التسيّب والإهمال أحيانا. وقرّرت اللجنة متابعة الموضوع عن كثب، ومواصلة الاستنارة بدعوة وزير الصحة المستقيل في جلسة استماع في مجلس نواب الشعب للوقوف على حقيقة الوضع في قطاع الصّحة العمومية و مساءلته حول كارثة وفاة 15 رضيعا بمستشفى الرابطة بالعاصمة.فهل يستجيب الوزير المستقيل لدعوة المجلس؟.