منذ مدّة حيث بلغ عدد المطالب المودعة لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمعنية بحماية مبلّغين عن شبهات فساد أكثر من 430 ملفا إلى حدود غرّة مارس الجاري وقد حسمت الهيئة في 101 منها وذلك بقبول 56 مطلبا ورفض البقيّة،هذا وينصّ القانون على ضرورة الحفاظ على سرّية هوية المبلّغ وعدم الإفصاح عنها إلا بموافقته،هذه النقطة يبدو أنها أثارت جدلا خاصة بعد أن تم نشر فيديو يتضّمن اتهامات لإحدى المحققات بالهيئة هذه الأخيرة عبّرت عن استنكارها لما قامت به منظمة «أنا يقظ» وذلك في بيان أصدرته مؤخرا.
ينصّ الفصل 22 من القانون الأساسي المتعلّق بحماية المبلّغين عن الفساد بأنه» يتعيّن الحفاظ على سرية هويّة المبلّغ بشكل كامل من قبل الهيئة، ولا تكشف هويّته إلا بعد موافقته المسبقة والكتابية،يمكن عند الضرورة، واحتراما لحقوق الدفاع الاستماع إلى المبلّغ كشاهد أمام الجهة القضائية ذات النظر التي تتّخذ ما يلزم من تدابير لحماية سريّة هويّته تجاه الغير».
«اتهامات»
إستنكرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في بيان لها ما اعتبرته «انخراط » لجمعية «أنا يقظ» في حملة التشهير وتوجيه الاتهامات الخطيرة إلى الهيئة وذلك من خلال بث الفيديو الذي وجهت فيه اتهامات الى احدى المحققات العاملات بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بكشف هويّة احد المبلّغين عن ملف فساد وكذلك عبر التصريحات والتدوينات الحاملة لإمضاء مسؤوليها والتي لا تخدم بحال قضايا المبلغين عن الفساد وفق نصّ البيان،هذا ودعت الهيئة مسيّري منظمة «أنا يقظ» للكف عن سياسة الصدام وانتهاج المقاربة التشاركية التي لطالما كرّستها الهيئة في علاقتها بالمجتمع المدني».
ماذا حصل؟
بالنسبة للفيدو الذي اثار جدلا واسعا وأوضحت الهيئة أنها قامت باستجلاء الأمر ،إذ ثبت وان المبلّغ الذي أدلى بشهادته في الفيديو سبق وان أودع عريضة مجهولة المصدر لدى الهيئة تتضمن شبهات فساد لمسؤولين بإحدى المنشآت العمومية التي يعمل بها وذلك بتاريخ 05 جوان 2017، وتقدم على إثر ذلك بطلب حماية كمبلغ وأفصح عن هويته وتبنيه لما ورد في العريضة سالفة الذكر فتم الاتصال به وسماعه في جلسة بتاريخ 17 نوفمبر 2017، المبلّغ أقرّ بعدم ضرورة إخفاء هويته وأنه لا يرى مانعا في كشفها علما وانه طلب استبعاد محققة من ملفه بدعوى أنها كانت تنوب الهيكل موضوع العريضة، رئيس الهيئة تفاعل إيجابيا مع طلبه بالرغم من أنّ نيابتها كمحامية للمؤسسة التي يشتغل بها المعني بالأمر انتهت منذ وقت طويل، وبأنّ موقعها في الملف لا يشكل في جانبها شبهة تضارب مصالح وفق نصّ البيان الذي جاء فيه ايضا أن لجنة حماية المبلغين تعهّدت بملف الشخص المعني بالفيديو وتمّ سماعه بتاريخ 12 مارس 2018 فصادق مرة أخرى على كشف هويته وأدلى بجملة من المطالب في الغرض، فتمّ التداول وتقرر تمتيعه بالحماية بتاريخ 18 أفريل 2018 وتم تسليمه القرار في 25 من نفس الشهر ،هذا وقد تمت احالة الملف الذي تقدّم به ذلك المبلّغ على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية تونس منذ 29 ديسمبر 2018 التي بدورها أحالته على القطب القضائي الاقتصادي والمالي للتعهد، وتولى الهيكل المعني الطعن بالاستئناف في قرار الحماية لدى المحكمة الإدارية التي أصدرت بتاريخ 9 أكتوبر 2018 قرارا بإيقاف تنفيذه في انتظار البت في أصل النزاع ،كما أكدت الهيئة في ذات البيان أن منظمة «أنا يقظ» كانت قد تقدمت بتاريخ 17 سبتمبر 2018 بمطلب نفاذ للمعلومة للاستفسار حول الإجراءات المتخذة في هذا الملف وتم إجابتها بتاريخ 01 نوفمبر 2018 وإعلامها بصدور قرار الحماية وكذلك بقرار إيقاف التنفيذ.