وأن الأمر يتعلّق بأكثر من 40 طفلا كانوا ضحيّة صاحب تلك المدرسة ومن وراءه إذ تعرّضوا إلى الاغتصاب والتحرّش الجنسي بالإضافة إلى أنواع أخرى من الحرمان والتعذيب النفسي باسم الدين وتحفيظ القرآن وبتعلّة جهاد النفس،القضاء من جهته تعهّد بالموضوع وتم إيقاف صاحب المدرسة الذي يواجه عددا من الاتهامات أهمّها تهمة الاتجار بالبشر التي تعهدت بها المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد ويواصل قلم التحقيق أعمال البحث والتقصي.من جهة أخرى هناك لجنة متابعة تم تركيزها للوقوف على وضعية الأطفال بعد تسليمهم لأوليائهم ولكن الغريب في الأمر هو إقصاء الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر من تلك اللجنة رفقة وزارة الشؤون الاجتماعية وهو ما يطرح أكثر من سؤال.
وللتذكير فإن حادثة ما يسمى بمحتشد الرّقاب تعود أطوارها إلى جانفي المنقضي وأثارت جدلا واسعا وغضبا كبيرا في صفوف سياسيين وكلّ المتابعين للشأن العام باعتبار المسألة تتعلّق بأطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و18 سنة يتم إيواؤهم بطريقة مهينة ويجبرون على تناول طعام بالدود.
ملف من الوزن الثقيل
ما حدث بــ«مدرسة» ابن عمر بالرقاب اهتزّت له كامل البلاد ودقّت هذه الواقعة المفزعة ناقوس الخطر المحدق بالأطفال وبضرورة فتح عديد الملفات المسكوت عنها أهمّها الجمعيات التي تنشط تحت غطاء خيري ولكن الحقيقة عكس ذلك، هذه «المدرسة» ضحاياها كانوا من 10 ولايات تقريبا الأمر الذي يفتح الباب للتساؤل كيف اجتمعوا؟ ومن وراء ما يحصل؟، خاصة وان عددا كبيرا من الأطفال اعترفوا بأن آباءهم أجبروهم على ترك مقاعد الدراسة والالتحاق بذلك المحتشد لحفظ القرآن فوجدوا أنفسهم خدّاما في منزل صاحب المدرسة وأجرتهم «أجرك عند ربي كبير» بل أكثر من ذلك يحرمون من النوم يقومون للصلاة تحت الضرب المبرح،يعانون من أمراض مزمنة،مصابون بالجرب والقمل،كلّ هذا يحدث باسم الدين،هذا الملف لا يمكن غلقه أو التهاون في فكّ كلّ رموزه وشفراته من قبل القضاء للوقوف على الحقيقة الكاملة ،من خطّط ومن وراء هذه العملية،الأبحاث لا تزال جارية والقضاء أمام مسؤولية جسيمة وتحدّ مهمّ جدا.
حضور رغم الإقصاء
في الوقت الذي يقوم القضاء بمهمّته لفكّ ملابسات واقعة محتشد الرقاب ومحاسبة الفاعل الذي لا يزال رهن الإيقاف ومنشورة في حقّه ثلاث قضايا الأولى تتعلق بالاتجار بالبشر ومتعهّد بها قلم التحقيق بابتدائية سيدي بوزيد ،الثانية جنحة تتعلّق بالزواج العرفي وحوكم فيها لمدّة سنة أما الثالثة فتتعلّق بشبهة إرهابية تم التحقيق معه فيها وإبقاؤه بحالة سراح تم تكوين لجنة لمتابعة هذا الملف على مستوى وضعيات الـ42 طفلا الذين تم تسليمهم إلى أوليائهم منذ أكثر من شهر ومسالة إعادة إدماجهم سواء في المدارس أو في التكوين،ولكن من المفارقات العجيبة التي شهدها ملف الحال هو إقصاء الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر من هذه اللجنة وفق ما أكّدته رئيستها روضة العبيدي التي عبّرت عن استغرابها من هذا الفعل خاصة وأن الهيئة معنية بصفة مباشرة بهذه الواقعة وهي أول من تلقى الإشعار ونسق مع بقية الأطراف المعنية،من جانب آخر تم أيضا إقصاء وزارة الشؤون الاجتماعية من تلك اللجنة والى اليوم لا يوجد اي تفسير أو توضيح من الجهات المعنية وهو ما يفتح الباب لطرح جملة من الأسئلة حول الأسباب والمسبّبات،ولكن في خضمّ كلذ ذلك فإن روضة العبيدي رئيسة الهيئة سالفة الذكر أكدت إصرارها وكل الفريق العامل معها على متابعة هذا الملف وأعمال اللجنة طبقا للقانون وحرصا على عدم غلقه قبل كشف الحقيقة وفق تعبيرها.