التي تعاني من نقائص في مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال هناك ملف آخر لا يقلّ أهمية ذات علاقة بالموضوع وهو ملف العائدين من بؤر التوتر سواء من تسلّمتهم السلطات القضائية التونسية أو من عادوا من تلقاء أنفسهم،ملف حارق يطرح الكثير من الاستفهامات حول كيفية التعامل معه وهل للدولة رؤية واضحة في هذا الشأن؟
عن هذه النقاط وغيرها تحدّثنا مع السيّد محمد صالح بن عيسى أستاذ القانون العام الذي تقلّد منصب وزير للعدل في حكومة الحبيب الصيد.
وللتذكير فإن القضاء التونسي قد تسلّم مؤخرا أربعة إرهابيين مصنفين خطيرين جدّا عائدين من بؤر التوتر وقد تم إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حقّهم،هؤلاء وغيرهم من العائدين هناك من يعتبرهم صندوق معطيات يمكن أن تكون مفيدة في فكّ رموز عديد القضايا.
ملف حارق
إذا أردنا الحديث عن ملف العائدين من بؤر التوتر بلغة الأرقام فإنه لا توجد إحصائيات رسمية ودقيقة ولكن المؤكّد أن هؤلاء يمثلون خطرا على الدولة خاصة وأنهم بايعوا في وقت سابق ما يسمى بتنظيم داعش الارهابي وانضموا إلى مجموعات إرهابية سواء بمحض إرادتهم أو مغرّر بهم ،هنا على الدولة أن تكون مستعدّة لمجابهة هذا الملف الحارق والعاجل على جميع المستويات حتى لا تتحوّل السجون التونسية إلى «معسكرات تجنيد واستقطاب».هذا دون أن ننسى الدور الأساسي الذي يجب أن يلعبه القضاء باعتباره الحلقة الأهم في هذا الملف،في هذا السياق تحدّثنا مع محمد صالح بن عيسى أستاذ القانون العام ووزير سابق للعدل حيث قال « القضاء طبعا له دور حاسم في تنزيل القوانين النافذة على ارض الواقع وحسن تطبيقها حتى يكون عنصرا فاعلا في مكافحة الإرهاب».أما عن دور بقية الجهات المتداخلة والطريق الذي يجب أن تسير فيه الدولة التونسية للخروج من هذه الدوامة فقد قدّم بن عيسى رؤية شاملة فقال «سياسة فقه قضائية تكرس تطبيق قانون الإرهاب على العائدين، التنسيق المحكم بين مصالح الاستعلامات التونسية ونظيراتها في البلدان المعنية فيما يتعلق بهويات العائدين وجوازات السفر الحقيقية و المزيفة ، توفير الإمكانيات اللوجستية و الفضاءات الخاصة للإيواء و المراقبة ، إتباع سياسة اتصالية تمكن من إعلام الرأي العام بكل المستجدات مع المحافظة على السرية في حدود مستوجبات الأمن القومي، كل ذلك بالتوازي مع مواصلة مراقبة مصادر التمويل و العمل على التقيد بما تمليه القرارات الدولية حول مكافحة تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة للخروج من التصنيف الأوروبي ضمن القائمة السوداء».
ماذا عن الترسانة القانونية؟
الدستور التونسي لا يمكن تطبيقه في شأن العائدين من بؤر التوتر وفق ما جاء على لسان النائبة فاطمة المسدي التي اعتبرتهم باعوا وطنهم وبايعوا تنظيم داعش الارهابي، ولكن لا بد من تشخيص الوضع وبناء استراتيجيا شاملة خاصة على مستوى الواقع،من جانب آخر هناك تساؤلات على المستوى التشريعي هل يعتبر كافيا لمجابهة هذا الملف ،في هذا الإطار قال محدثنا محمد صالح بن عيسى « الترسانة القانونية كافية في رأيي ولكن الأهم هو حسن تطبيقها والناي بالقضاء عن التجاذبات و التأثيرات السياسية من جهة أخرى يجب على الدولة أن تكون لها رؤية واضحة في تعاطيها مع الملف فيما يتعلق بخطة إيوائهم ومراقبتهم لاحتواء كل المخاطر التي قد تتولد عن تركهم في حالة سراح. علما وان هزيمة داعش في سوريا و العراق قد تؤدي إلى رجوع القاعدة في الصفوف الأمامية ومراجعة أساليب التحرك الميداني الجهادي. طبعا وزارة العدل أيضا معنية لأنها تشرف على المؤسسات السجنية، الداخلية والدفاع ورئاسة الحكومة و الخارجية دون أن ننسى اللجنة الوطنية التي تعنى بالملف وهو ما يتطلب التنسيق مع الاستعلامات الخارجية حول هويات العائدين».