مالي وإداري على الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية دون أن تستكمل فيهم المرحلة المنوطة بعهدتها طبقا للقانون وهي التحقيق والتقصي قبل عملية الإحالة،الهيئة رأت أن هذه الخطوة تم اتخاذها بالإجماع في مجلسها وتهدف إلى إعلاء حقوق الضحايا نظرا لضيق الوقت،ولكن من جهة أخرى فإن هذا القرار أثار الكثير من الجدل على الساحة القضائية وهناك من وصفه بالفضيحة الجديدة لهيئة الحقيقة والكرامة التي أغرقت الدوائر بتلك الملفات ووضعتهم أمام الأمر الواقع،عن هذا الموضوع تحدّثنا مع وليد المالكي عضو المجلس الأعلى للقضاء (عدلي).
هيئة الحقيقة والكرامة أنهت مدّتها القانونية وقدّمت نسخة من تقريرها الختامي إلى رئيس الجمهورية في انتظار استقبالها من قبل رئيس الحكومة لتسليمه نسخة هو الآخر ليأذن بنشر ذلك التقرير بالرائد الرسمي ويطّلع عليه الرأي العام.
ماذا عن شرعية هذا الدور؟
بالرّغم من «التمديد» في عهدتها الذي أسال الكثير من الحبر فلم تتمكّن هيئة الحقيقة والكرامة من استكمال جميع الأعمال التي كلّفت بها طبقا للقانون الأساسي المتعلّق بالعدالة الانتقالية على غرار القيام بالتحقيق والبحث في ملفات ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان (اغتصاب،اختفاء قسري،تعذيب...) وملفات فساد مالي وإداري حيث تجاوز عددها الجملي 250 ملفا،فما كان من مجلس الهيئة إلاّ أن يقرّر رمي المسؤولية على عاتق الدوائر المتخصّصة في العدالة الانتقالية حيث تصدّرت الدائرة القضائية بالمحكمة الابتدائية بتونس طليعة الترتيب من حيث عدد الملفات بستّة وتسعين ملفا،الدوائر قبلت تسلّم تلك الملفات المؤشّر عليها بأنها منقوصة ولم يقع فيها التحقيق نظرا لضيق الوقت ولكن السؤال المطروح اليوم،كيف ستتعامل هذه الدوائر مع ذلك الكمّ من الملفات خاصة وأنها مكلّفة بمئات القضايا الأخرى في ذات المجال وقد انطلقت فيها جلسات المحاكمة؟،ماهو المخرج القانوني الذي ستجده الدوائر لإضفاء الشرعية على تسلّم مشعل التحقيق في تلك الملفات من هيئة الحقيقة والكرامة؟ وأسئلة أخرى دون إجابة،في هذا السياق تحدّثنا مع وليد المالكي عضو بالمجلس الأعلى للقضاء عن القضاء العدلي الذي أوضح أنه لم يقع التطرّق إلى هذه المسألة حاليا في حال طلب من المجلس التدخّل فلكلّ مقام مقال.
«القرار بأيدي قضاة الدوائر»
الدوائر القضائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية وجدت نفسها بين مسؤولية ضمان حقوق الضحايا ومنعرج القانون الأساسي للعدالة الانتقالية الذي لم يتضمّن تنصيصا استثنائيا يخوّل لقضاة الدوائر تولي عملية التحقيق في ملفات الانتهاكات والفساد المالي في صورة وردت عليهم دون بحث وتقصّي، فإن تعهّدوا بهذه المهمّة لنصرة الحقوق فربما يجدون أنفسهم محلّ تشكيك واتهام بخرق القانون حسب مواقف عدد من أهل القطاع وإن تخلّوا عن تلك الملفات ورفضوا تحمّل المسؤولية فإنهم سيتّهمون بضياع حقوق ضحايا الانتهاكات،وضعية قضاة الدوائر لا يحسدون عليها،القرار يعود لهم في مسألة التعهّد من عدمها وفق ما أكّده وليد المالكي الذي قال في ذات السياق «الدوائر القضائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية لها سلطة القرار في ما يتعلّق بتلك الملفات المحالة عليها من قبل هيئة الحقيقة والكرامة دون تحقيق ونحن نحترم قرار القضاء واستقلاليته».