في ندوة صحفية للهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص حول ملف «مدرسة الرقاب»: «أطفال يجبرون على تناول طعام (بالدود)،يلقنونهم جهاد النفس والمتهم يعيش ظروف الرفاهة التامة مع عائلته»

عقدت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص ندوة صحفية أمس الثلاثاء 5 فيفري الجاري بمقرّها الرسمي سلّطت

فيها الضوء على ملف ما عرف بالمدرسة القرآنية بالرقاب من ولاية سيدي بوزيد حيث كشفت عن آخر المستجدات وعرض نتيجة المعاينة التي قام بها فريق الهيئة الذي تحوّل على عين المكان بالتنسيق مع مختلف الأطراف المتداخلة وذلك بعد الإشعار الذي ورد عليها بتاريخ 25 جانفي المنقضي من قبل مندوبة حماية الطفولة بسيدي بوزيد.
أكّدت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أن التحقيق حول المدرسة القرآنية بالرقاب الذي تم بثّه في برنامج الحقائق الأربع للمقدّم حمزة البلومي قد تم تصويره قبل ورود الإشعار على الهيئة وبالتالي له السبق ولكن التحرّك كان بالتوازي وبالتنسيق المحكم والتام مع كلّ الجهات ذات العلاقة من مندوبي الطفولة مرورا بوزارة المرأة وصولا إلى وزارة الصحّة والعدل والداخلية وغيرهم.

«ترويع وتخويف...»
تحدّثت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص في مستهلّ الندوة الصحفية عمّا تمت معاينته عند التحوّل إلى مقرّ ما يسمى بالمدرسة القرآنية بالرقاب فقالت «اتفقت كلّ الأطراف على ألا تكون المقاربة أمنية في المعاينة لأن الأمر يتعلّق بالأطفال وبالتالي كان مندوب حماية الطفولة و5 أخصائيين نفسانيين في الصفّ الأول». وفي تلخيص للمشهد الذي أقلّ ما يقال عنه أنه لاانساني قالت العبيدي «33 من بين 42 طفلا أعمارهم لا تتجاوز 15 سنة والثلاثين غادروا مقاعد الدراسة من السابعة والسادسة أساسي،22 من بين هؤلاء الأطفال الذين وجدوا بمقرّ الجمعية يعانون مشاكل صحية متنوعة أمراض قلب،جرب،خلع على مستوى الكتف،عدم القدرة على المشي بسبب الفلقة بالإضافة إلى تشغيلهم في البناء ،الجني وفي منزل الشيخ الموقوف حاليا على ذمة القضاء» أكثر من ذلك فالمشهد فظيع فعلا عندما نجد أطفالا تتم معالجة أمراضهم بالرقية الشرعية فقط ومفهوم الوقت غير موجود لديهم هنا أضافت رئيسة الهيئة «الأطفال تعرضوا إلى الترويع والتخويف بل اخطر من ذلك يجبرون على تناول طعام بالدود وذلك في إطار ما قيل لهم إنه جهاد النفس ،يحرمون من النوم،الصلاة تحت الضرب بالكاوتشو،هناك من دخل وسنه سبع سنوات غادر المكان في سنّ 12 سنة».

«ناقوس خطر»
الأمر الذي يثير الاستغراب ويفتح الباب على طرح سلسلة من الاستفهامات حول ملف هذه الجمعية التي تتغطى بغطاء خيري وتحفيظ القرآن ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما هو أن الأطفال الذين تم العثور عليهم بمقرّها جاؤوا أو أتوا بهم من ولايات مختلفة حيث تتصدّر صفاقس القائمة بعشرة أطفال،سيدي بوزيد 9،نابل 6 ،سوسة 2،توزر 2 وتليهم منوبة،قابس،قفصة والقيروان بطفل واحد عن كلّ ولاية ،هنا لا يمكن المرور قبل طرح أسئلة بالجملة كيف تم تجميع هؤلاء الأطفال؟،هل لهذه الجمعية فروع ؟،من وراء هذه الجمعية التي تمكّنت من الحصول على ترخيص منذ 2012 في تحفيظ القرآن ولكن الحقيقة كانت صادمة وهي العبث بالطفولة واغتصابها وتعذيبها؟،أسئلة لا بدّ لها من إجابة وهنا دور القضاء في إماطة اللثام عن

هذه القضيّة وفكّ رموزها ومحاسبة كلّ من له علاقة من قريب او من بعيد بما حدث.في هذا السياق أفادت روضة العبيدي «جمعية ابن عمر مرخّص لها منذ2012 في تحفيظ القرآن ولكن ما عايناه وما أثبتته الأبحاث كان صادما،اتجار بالبشر،اغتصاب،أمراض نفسية وجسدية،وأغلب الأطفال صرحوا بأن الأب هو الذي يجبرهم على مغادرة مقاعد الدراسة والالتحاق بهذه الجمعية وهناك من الأطفال والأولياء من يتم إقناعهم عن طريق ما يسمون أنفسهم بالطلاب،ولكن هذه الواقعة دقّت ناقوس الخطر على فتح ملف الجمعيات البالغ عددها في تونس 1130 جمعية ناشطة فهذه الجمعية هي واحدة من بين العديد المتناثرة في مختلف ولايات الجمهورية تنشط في استغلال الأطفال تحت مسمى الدين وتحفيظ القرآن،أموال مشبوهة وغير مشروعة ،اليوم من الضروري تحميل المسؤولية لمن كانوا في مواقع القرار منذ 2012 تاريخ نشاط هذه الجمعية فإقالة معتمد ووالي سيدي بوزيد هي خطوة ولكن لا بد أن تليها خطوات أخرى أهمّ»

لماذا تم نقل الأطفال إلى تونس؟
سؤال تبادر إلى أذهان العديد من المتابعين لهذا الملف فجاءت الإجابة من رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص روضة العبيدي التي قالت «عدد سكان معتمدية الرقاب مكان تواجد هذه الجمعية هو 65 ألف ساكن ،10.400 منهم تتراوح أعمارهم بين 6 و14 سنة ،1.120 منهم غير متمدرسين،أما على المستوى الوطني فنجد 80 ألف تتراوح أعمارهم بين 6 و14 سنة و100 ألف بين 6 و16 سنة ،ولسلامة الأطفال وحمايتهم قرّر وكيل الجمهورية بسيدي بوزيد إيداعهم في مركز لرعاية الطفولة.

«سيارات ومنزل فخم على ملك المتهم»
كشفت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص حقائق صادمة عن الوضعية التي يعيش فيها صاحب المدرسة المسمى بالشيخ حيث وفي الوقت الذي يعاني فيه 42 طفلا الخصاصة ،الأمراض،الحرمان من الطفولة يتمتع ذلك الشيخ بمنزل فاخر ويدرس أبناؤه في المدارس العادية ويتمتعون بكلّ التكنولوجيات الحديثة من العاب وغيرها ،هنا قالت العبيدي «صاحب المدرسة يملك منزلا فخما فيه مسبح،يتمتع بظروف عيش متطوّرة ورفاهة لامحدودة ،سيارات فخمة، أبناؤه يدرسون ولهم كلّ متطلبات الرفاهة»

«ضغط على القضاء»
صرّحت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أن القضاء وخاصة «وكيل الجمهورية بسيدي بوزيد الذي تعهّد بملف «المدرسة القرآنية» يتعرّض إلى الضغط من عديد الأطراف وبمختلف الوسائل إشاعات وغيرها ولكن هذا لا يصمد امام كشف الحقيقة» وأضافت أيضا «تم توفير الحماية لمندوبة الطفولة بسيدي بوزيد لما تتعرض إليه من هرسلة وتهديدات ،كذلك قاضي الأسرة ووكيل الجمهورية بالجهة».

«شبهة إرهابية»
أكّدت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص خلال الندوة الصحفية التي عقدتها أمس الثلاثاء أن الأبحاث أسفرت عن وجود شبهة إرهابية في ملف المدرسة القرآنية بالرقاب وستتعهد الجهة المعنية وهو القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالموضوع للكشف عن ملابساته.

العبيدي تجيب منظمة العفو الدولية
على خلفيّة البيان الذي أصدرته منظّمة العفو الدولية مكتب تونس بخصوص ملف ما يسمى بالمدرسة القرآنية بالرقاب والذي عبّرت فيه عن استنكارها لما أسمته احتجاز لأطفال وعرضهم على الفحص الشرجي بل أكثر من ذلك طالبت بتسليم هؤلاء الأطفال ،هنا علّقت روضة العبيدي رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص فقالت «هذه المنظمة الفايسبوكية لم تكلّف نفسها حتى بالاتصال بأي طرف بما في ذلك الهيئة لاستسقاء المعلومات الصحيحة بل اكتفت بالفايسبوك لتصدر بيانا تطالب فيه بتسليم الأطفال وتتحدّث عن احتجاز هنا أقول هناك قضاء ودولة تحمي هؤلاء الأطفال وهذه المنظمة ليس لديها أي سلطة بالتوجه إلى الدولة التونسية بمثل هذا المنطق وهذه اللهجة وأقول لها أيضا أن إجراءاتنا كانت سليمة بدليل أن

الفصل 46 من مجلّة حماية الطفل يقول ( في حالات الخطر الملم يمكن لمندوب حماية الطفولة أن يبادر بإخراج الطفل من المكان الموجود فيه ولو بالإستنجاد بالقوة العامة ووضعه بمكان آمن وتحت مسؤوليته الشخصية، مع مراعاة حرمة محلات السكنى. ويعتبر خطرا ملمّا كل عمل إيجابي أو سلبي يهدّد حياة الطفل أو سلامته البدنية أو المعنوية بشكل لا يمكن تلافيه بمرور الوقت) وهو ما ينطبق على هذه الوضعية.أما بالنسبة للفحص الشرجي فقالت العبيدي «أنا ضدّ هذا الفحص لإثبات التهمة على شخص ولكن في هذه الحالة هو ضروري من أجل حماية هؤلاء الأطفال واثبات التهمة على المعتدين حتى لا يفلتوا من العقاب أي لإقامة الحجّة وقد ثبت أن 2 من بين 5 قبلوا بإجراء الفحص تعرضوا إلى اعتداءات جنسية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115