ملف «المدرسة القرآنية» بالرقاب: «أطفال يعترفون بإجبارهم على الالتحاق بتلك المدرسة،فلقة ، اعتداءات جنسية ، زرع لأفكار التعصّب.. والقضاء على الخطّ»

يتواصل الجدل حول واقعة المدرسة القرآنية بالرقاب من ولاية سيدي بوزيد ولكن رغم اختلاف ردود الأفعال حول المسألة

فإن المؤكد أن هناك أطفالا ضحايا من ولايات مختلفة (نابل،بن عروس،القصرين،صفاقس)عاشوا لفترة طويلة في مكان قيل لهم إنهم سيتعلّمون فيه حفظ القرآن ولكن الحقيقة كانت صادمة، استغلال واعتداء جنسي،جرب ،قمل ووضعية نفسية صعبة للغاية.القضاء من جهته تعهّد بالملف وأوقف صاحب المدرسة وامرأة تبلغ من العمر 26 سنة في انتظار كشف حقيقة هذا المكان المريب. تحدثنا مع سيدة مبارك عن لجنة المرأة والطفولة والأشخاص ذوي الإعاقة والفئات في وضعية هشة صلب الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب التي قامت بزيارة ميدانية للمركز الذي يأوي هؤلاء الأطفال رفقة زميلتها مروى الردادي عن لجنة التقصي.

وللتذكير فإن الوحدات الأمنية المختصة تنقّلت رفقة المندوب العام لحماية الطفولة و05 أخصائيين نفسيين الى تلك المدرسة أين تم العثور على 42 طفلا (بين 10 و18 سنة) و27 راشدا (بين 18 و35 سنة) تبيّن أنهم يُقيمون اختلاطا بنفس المبيت في ظروف لا تستجيب لأدنى شروط الصحة والنظافة والسلامة وجميعهم منقطعون عن الدراسة.

القضاء هو الفيصل
بإذن من النيابة العمومية بسيدي بوزيد تم الاحتفاظ بصاحب المدرسة وبإذن منه من أجل «الاتجار بالأشخاص بالاستغلال الاقتصادي لأطفال والاعتداء بالعنف» ومن أجل «الاشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي» كما تم الاحتفاظ بامرأة عمرها 26 سنة اعترفت بزواجها من المعني على خلاف الصيغ القانونية.أما بخصوص الأطفال فقد أذنت النيابة بإيوائهم في المركز المندمج للشباب والطفولة بحمام الأنف وتمكينهم من الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية اللازمة،القضاء من جهته سيقوم بالأبحاث والاستقراءات للوقوف على حقيقة ما حدث.

لا وجود لأثار تعذيب حديثة ولكن...
قامت سيدة مبارك عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بزيارة للأطفال في المركز المندمج للشباب والطفولة بحمام الأنف وقد تحدّثت حول ما عاينته فقالت في تصريح لـ«المغرب» إن «الأطفال كانوا فعلا في حالة تهديد تتمثل في التعرض للتحرش والاعتداء الجنسي نتيجة النوم المختلط بين الصغار والكبار نتيجة بقائهم في تلك المدرسة القرآنية غير القانونية ،كان هناك استغلال في زرع أفكار التعصب على معنى الفصل 19 من مجلة حماية الطفل،كان لديهم مرض الجرب وغياب النظافة،انقطاع عن الدراسة» واصلت مبارك حديثها حيث روت لنا البعض مما جاء على لسان عدد من الأطفال فقالت «حسب ما فهمت من خلال الأطفال هم ضحايا أوليائهم فيهم الكثير الذي فرض على أبنائه الالتحاق بتلك المدرسة فكلهم لديهم فكرة واحدة وهي أنهم سيصبحون رجال دين وعلم في المستقبل وهناك من الأطفال من اعترف لي بتعرّضه إلى الاعتداءات الجنسية وبتعرّضهم أيضا للعنف والفلقة» علما وان القضاء وجّه تهمة إهمال قاصر لأولياء الـ42 طفلا.

«كلّ ما تمّ كان في مصلحة الأطفال»
أثارت عملية الاحتفاظ بالأطفال داخل المركز تحت حماية مشدّدة وعرضهم على الفحص الشرجي حفيظة أوليائهم الذين طالبوا بإخراجهم ولكن السؤال أين كان هؤلاء عندما كان أبناؤهم يتعرّضون للاعتداءات الجنسية وللفلقة والنتيجة نفسية مدمّرة ومستقبل ضبابي؟ هنا قالت محدثتنا حول ما عاينته»التدخل للأطفال تم لفائدتهم من أجل حمايتهم ولكن بإجراء احتجازي بمعنى أنهم ليسوا في وضعية شبهة وبالتالي لا يمكن وضعهم في إصلاحية ولكن مسألة إيوائهم تحت حراسة أمنية خارج المؤسسة وتحت رعاية مشرفين من الإصلاحيات مع منعهم من الدخول والخروج بحرية هذا إجراء غريب وفيه اجتهاد قد يمس من حقوق الأطفال وان كان في صالحهم وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على وجود فراغ مؤسساتي لحماية الأطفال بإجراءات خاصة في مثل هذه الحالات ،كما تم عرضهم على الفحص الشرجي للتأكد من مدى سلامتهم من الاعتداءات الجنسية وذلك بمقتضى تسخير من النيابة العمومية قانوني ،الإجراء اتخذ باسم مصلحة الطفل، ولكن الطريقة التي تمت مخالفة للعادي و أثرت على حالتهم النفسية في العادة والقاعدة تقول ضرورة تشريك الولي وبحضوره ولكن المهم الحمد لله الأطفال في أمان وتحت الرعاية الشاملة في انتظار القضاء الذي يستكمل الإجراءات ويفصل في المسألة».

ماذا بعد مركز الرعاية؟
سؤال يطرح حتى لا تصبح هذه الواقعة في طي النسيان وكأنها زوبعة في فنجان وخاصة حتى لا تتكرّر مثل هذه الممارسات في حقّ الطفولة،في هذا السياق أجابت سيدة مبارك فقالت «المفروض أن يتم تسليمهم لأوليائهم ويتم التعهد بوضعياتهم النفسية والاجتماعية والعائلية من قبل مندوب حماية الطفولة المختص ترابيا وبالتنسيق مع مختلف المتدخلين من نفس الجهة ولكن الإشكال في غياب المتابعة بعد كل هذه الرعاية وتصبح العملية كأنها زوبعة في فنجان وهو مشكل واقعي وحقيقي للأسف فهذه هي مشكلة منظومة حماية الطفولة في تونس، ضعف المتابعة وغياب الإجراءات الخاصة لمثل هذه الوضعية من الأطفال إضافة إلى غياب المؤسسات الخاصة بمثل هذه الفئات من الأطفال ضحايا الاستغلال وزرع أفكار التعصب والإدمان على المخدرات والاستغلال الجنسي وهم بصفة عامة يحتاجون إلى تعهد مكثف ومركّز».

3 بطاقات إيداع بالسجن وتأجيل القضية إلى 13 فيفري الجاري
أكد المندوب العام للطفولة مهيار حمادي أن قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية مرجع النظر قرر تأجيل النظر في قضية المدرسة القرآنية بالرقاب إلى 13 فيفري الجاري، مشيرا إلى أن قاضي الأسرة قرر أيضا الإبقاء على ماهو عليه بالنسبة لوضع الأطفال بالمركز الموجودين فيه حاليا.
كما قرر قاضي التحقيق بالمكتب الثاني بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق أحد الموقوفين في قضية المدرسة القرآنية بريحانة في معتمدية الرقاب بتهمة التحرش بفتاة وفتى دون 16سنة. هذا وأصدر قاضي التحقيق بطاقتي إيداع بالسجن في حق مدير المدرسة القرآنية وزوجته بتهم تتعلق بالزواج على غير الصيغ القانونية والاتجار بالبشر وشبهة الانتماء إلى تنظيم إرهابي وتحويلهما من أجل تهمة شبهة الانتماء على أنظار القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة.

«هجمة على وكيل الجمهورية بسيدي بوزيد»
على اثر تعهّد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بملف «المدرسة القرآنية» غير القانونية وعلى خلفية حديث بتوجيه تهمة التقصير أو إهمال قاصر لأولياء الأطفال الذين وجدوا في ذلك المكان في ظروف لا تمتّ للإنسانية بصلة هناك احد المحامين الذي توجّه بعبارات نابية ونعوت وصفت بغير اخلاقية الى القاضي المتعهّد وهو ما أثار حفيظة جمعية القضاة التونسيين التي اعتبرت ما صدر عن المحامي انفلاتا في شكل تهجمات سافرة وخطيرة على وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد واصفة إياها بالأفعال المشينة والمنافية لأخلاقيات مهنة المحاماة وللاحترام الواجب للسلطة القضائية وأعضائها والتي تقع تحت طائلة القانون الجزائي ولا يمكن القبول بها تحت أي طائل أو مبرر،هذا ودعت الجمعية الهيئة الوطنية للمحامين لتحمل مسؤولياتها ازاء الاعتداءات الخطيرة الصادرة عن بعض منظوريها واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لزجرها وضمان عدم تكررها .

«أمراض بالجملة»
هؤلاء الأطفال أودعهم أولياؤهم في ذلك المكان لتعلّم القرآن والدين، من القواعد التي تعلّمناها منذ الصغر هي «النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان» ولكن هذه العبارات تبخّرت في تلك المدرسة لأن الحالة التي وجد فيها الأطفال أقلّ ما يقال عنها أنها صادمة،قمل،جرب،ضيق في التنفّس، اعتداءات جنسية أهذا ما ينصّ عليه القرآن والدين؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115