وكذلك قضية ذبح عون الأمن محمد علي الشرعبي بمنطقة الفحص من ولاية زغوان كما أصدرت الدائرة الجنائية الخامسة المتعهدة بالقضايا الإرهابية أحكامها في ما يتعلق بمرتكبي جريمة قتل الوكيل بالحرس الوطني الشهيد أنيس الجلاصي في أحداث الشبيكة، أحكام ولئن كانت تشفي غليل عائلات الضحايا فإنها تطرح تساؤلات عدة.
قضايا الإرهاب تعهد بها القطب القضائي منذ أكتوبر 2015 بعد أن كانت من اختصاص المحكمة الابتدائية بتونس وقد وصلت إلى حد كتابة هذه الأسطر إلى أكثر من 1850 ملفا يتعهد بها 8 قضاة تحقيق و4 نيابة عمومية.
ثالث حكم بالإعدام
منذ تعهدها بالملفات الإرهابية فصلت الدائرة الجنائية الخامسة عدة ملفات بإصدارها لأحكام ابتدائية تتعلق بمتهمين في أحداث إرهابية مختلفة، مئات الأحكام نجد منها ثلاثة فقط إلى حد الآن تقضي بإعدام المتورطين وهي قضيتا الأمنيين محمد السبوعي ومحمد علي الشرعبي والثالثة قضية مقتل الوكيل أنيس الجلاصي الذي صدرت أحكامها أمس الأول والتي تعود أطوارها إلى ما تسمى أحداث بوشبكة من ولاية القصرين والتي أسفرت عن سقوط أول شهيد من الحرس الوطني ورئيس المركز الحدودي بالمنطقة أنيس الجلاصي وذلك خلال تبادل إطلاق نار بين وحدات الحرس ومجموعة إرهابية تضم عناصر من جنسيات مختلفة منها الجزائر، هذا وقد تم توجيه تهم القتل العمد والمشاركة في ذلك والانضمام إلى تنظيم إرهابي في قضية الحال إلى أكثر من 70 متهما من بينهم 33 موقوفا والبقية في حالة فرار ومنهم أبو عياض.
القضاء يحكم وبعد ؟؟
من المؤكد بأن الحكم بالإعدام في قضية أنيس الجلاصي سوف لن يكون الأخير لأنّ القضاء لا يزال متعهدا بآلاف القضايا الأخرى والأكثر تشعبا من حيث الوقائع وعدد المتورطين فيها وما تتطلبه من دقة في الأبحاث والاستقراءات وبالتالي من المنتظر أن تنطق الدائرة المتعهدة بأحكام أخرى تقضي بإعدام من ثبت تورطهم في عمليات ذبح أو قتل وتنكيل وانضمام إلى تنظيمات إرهابية. هذه الأحكام ولئن كانت في ظاهرها تشفي غليل عائلات الضحايا وتطفئ نار الحزن داخلهم إلاّ أنّ السؤال المطروح اليوم هل ستكون هذه الأحكام مجرد حبر على ورق وبعد مدة زمنية تعوض بأخرى مدى الحياة أم أنها ستفعّل وتنفذ بحذافيرها؟. تساؤل يفتح على فرضيتين اثنتين وكلاهما رهينة القرار الذي ينتظر أن تتخذه تونس فيما يتعلق بعقوبة الإعدام وتنفيذها علما وانه منذ 1991 لم تنفذ هذه العقوبة على اعتبارها تمس من حقوق الإنسان وفق ما يراه أولائك الذين يدافعون عنها إلى اليوم وتونس أصبحت فريسة لغول الإرهاب الذي ما انفك ينهشها ويستهدف الأبرياء من أبنائها. زمن تغيرت ملامحه واستفحل فيه الإرهاب ولكن عقلية حقوق الإنسان والدفاع عنها بقيت على
حالها حتى مع من يسفكون الدماء ظلما بالذبح والقتل رميا بالرصاص فمازالت المنظمات التي تدافع على الإنسان والإنسانية تعتبر أنه للإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بالدماء الحق في الحياة وهم من حرموا أشخاص ابرياء من هذا الحق ليخرجوا اليوم ويدافعون بكل شراسة عن هؤلاء وعن حقوقهم كبشر. تونس لم تحسم بعد موقفها في هذا الشأن مقابل تمسك المنظمات التونسية المدافعة عن حقوق الإنسان بالدفاع عن من اغتصبوا حق غيرهم في الحياة ليجدوا من يدافعوا عنهم ويطالب بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام في حقهم والاكتفاء بحرمانهم من الحرية بمجرد سجنهم مدى الحياة. فهل أصبحنا في بلاد نكافئ فيها من سرق حياة غيره بحقه في أن ينعم بالحياة؟ علما وأن هناك العديد من الأطراف تقف ضد المنظمات الحقوقية التي عارضت تنفيذ حكم الإعدام وطالبت تونس بالإمضاء على الاتفاقية الدولية التي تقضي بعدم التنفيذ فمتى تحسم تونس موقفها حتى تتضح الرؤية للعموم؟.