إحالة أكثر من 300 ملف انتهاك وفساد على الدوائر القضائية دون التحقيق فيها: هيئة الحقيقة والكرامة تعلّلت بضيق وقت عهدتها، والكرة في ملعب القضاء

بالرغم من انتهاء مهامها وإحالة نسخة من تقريرها الختامي على رئيس الجمهورية منذ أواخر ديسمبر المنقضي إلاّ أنها لا تزال

تثير جدلا واسعا على الساحة القضائية بالخصوص،إنها هيئة الحقيقة والكرامة التي أحالت أكثر من 100 ملف يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وأكثر من 200 ملف آخر يتعلق بالفساد المالي على الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية دون القيام بإجراءات التقصي والتحقيق والاستماع إلى المعنيين بالأمر فيها وذلك قبل 31 ديسمبر المنقضي،قرار أسال الكثير من الحبر وفتح الباب على سلسلة من التساؤلات حول أسبابه ،دوافعه وكذلك الجانب القانوني لهذه الخطوة التي وضعت القضاء بين مطرقة ضمان حقوق الضحايا وسندان الإجراءات.لمزيد من التفاصيل تحدثنا مع ابتهال عبد اللطيف عضو بلجنة التحكيم والمصالحة صلب هيئة الحقيقة والكرامة.

للتذكير فإن العلاقة بين القضاء وهيئة الحقيقة والكرامة قد شهدت شيئا من التوتر في الفترة الأخيرة وذلك بعد إقدام الأخيرة على استدعاء عدد من القضاة في إطار العدالة الانتقالية أو ما يسمى بملف الإصلاحات الوظيفية وهو ما أثار غضب هياكل المهنة الذين اعتبروا ما قامت به الهيئة هرسلة وتقليلا من شان منظوريهم،الأمر وصل إلى القضاء حيث تقدّمت نقابة القضاة بشكاية في الغرض وهو ما جعل هيئة الحقيقة والكرامة تقدّم بيان اعتذار لما حدث ولكن ذلك لم يشفع لها ورفضته النقابة.

«حتى لا تضيع الحقوق»
كثر الحديث عن قيام هيئة الحقيقة والكرامة بإحالة أكثر من 300 ملف انتهاك وفساد مالي على الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية دون قيامها بأي عمل تحقيقي فيها حيث كتب باللائحة «تعذر علينا البحث ونحيل عليكم الملف للقيام بالإعمال اللازمة» وهو ما وصفه البعض «بالفضيحة».لاستجلاء حقيقة الأمر اتصلنا بابتهال عبد اللطيف نائب رئيس لجنة التحكيم والمصالحة التي قالت»نعم هناك 100 ملف متعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وأكثر من 200 آخرين في الفساد المالي لم نستكمل فيها إجراءات الاستماع لكل الأطراف نظرا لضيق وقت عهدتنا وقد ثبتت فيها الانتهاكات والمنسوب إليهم الانتهاك فقرّرنا إحالتها على الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية ونترك المجال للقضاء لمواصلة التحري والتقصي فيها حتى يقول كلمته الأخيرة، قررنا هذا حتى لا تضيع حقوق العديد من المظلومين فالهيئة كانت أمام خيارين إما غلق تلك الملفات وبذلك تضيع حقوق مودعيها أو إحالة الملفات التي ثبتت فيها الانتهاكات ونترك الدوائر القضائية المتخصصة تستكمل باقي الإجراءات ولنا ثقة تامة في القضاء بأنه قادر على إنصاف الضحايا»

5 سنوات لم تكن كافية؟
سؤال يطرح نفسه في هذه الوضعية فهل أن عهدة بخمس سنوات لم تكف حتى تستكمل هيئة الحقيقة والكرامة إجراءاتها في كلّ الملفات حتى تضطرّ الى احالتها دون تقصّي وترمي الكرة في ملعب القضاء؟،الإجابة كانت من ابتهال عبد اللطيف التي قالت «المدة ليست 5 سنوات لا ننسى أن المرحلة الأولى كانت مرحلة تقبل وتجميع ملفات الضحايا ثم فرزها والاستماع لأكثر من 50 ألف ضحية بعدد قليل من الموظفين ومنذ سنتين تقريبا بدأت الهيئة التحري والتحقيق في الملفات وبالتالي لا يمكن استيفاء جميع مراحل التحقيق في 50 ألف ملف لذلك كان هناك أولويات في التقصي والإحالة وهي الانتهاكات الجسيمة مثل القتل والاختفاء القسري والتعذيب وتلك استوفينا فيها الإجراءات».

«مجبر أخاك و بطل»
تم توزيع تلك الملفات على 13 دائرة قضائية متخصصة في العدالة الانتقالية لاستكمال النظر والتحقيق والاستماع إلى كلّ الأطراف حيث تصدّرت الدائرة القضائية بابتدائية تونس الترتيب من حيث عدد الملفات المودعة دون تحقيق وذلك بأكثر من 90 ملفا،هنا يفتح الباب للتساؤل في الجوانب القانونية لهذه الخطوة والمعايير التي تم اعتمادها في قرار الإحالة لملفات دون التحقيق فيها خاصة وان قانون العدالة الانتقالية يعطي صلاحية التقصي إلى هيئة الحقيقة والكرامة لتبقى مهمّة النيابة العمومية الإحالة فقط لتلك الدوائر، القانون لم ينصّ صراحة بأنه في صورة عدم استكمال الهيئة للتحقيق في عدد من الملفات فإنه بإمكانها إعطاء المهمة للدوائر كما أنه لم يمنع.من جهة أخرى هناك من قال «الامتيازات والملايين من مال الشعب لهيئة الحقيقة والكرامة والقضاة يقومون بما كان يجب أن تقوم به الهيئة وفي صورة رفضهم التعسف على الإجراءات وخرق القانون ستخرج لتشكك في القضاء والقضاة»،ابتهال عبد اللطيف علّقت بالقول « عملنا مع الدوائر يؤسس لفقه قضاء جديد فهي تجربة جديدة في بلادنا وقد اعتمدنا في قرار الإحالة على الجانب القانوني هو الفصل 8 من قانون العدالة الانتقالية وعلى الجانب الإنساني حتى لا تضيع حقوق الضحايا،هذا وقد تم قبول الملفات من قبل الدوائر المتخصصة بكلّ ايجابية».قضاة الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية وجدوا أنفسهم مجبرين لأنه في صورة رفضهم ربّما يكونون محلّ اتهام بتعطيل مسار العدالة الانتقالية وضياع حقوق الناس ولكنهم يعتبرون أبطال أيضا إذ قبولهم للملفات يترجم حرصهم على ضمان الحقوق المنتهكة وردّ الاعتبار للضحايا لكن لا بدّ من إيجاد آلية لمواصلة التحقيق في تلك الملفات وذلك بالتنسيق بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115