عودة قضائية على صفيح ساخن: تنبئ بالفشل مسبقا،شغورات تنتظر السداد وحديث عن هجرة عدد من القضاة

بالرغم من عدّة سنوات على انطلاق قطار ما يسمى إصلاح المنظومة القضائية ولكن

يبدو أنّ حمولته ثقيلة بكمّ الملفات التي تتضمن إشكاليات في قطاع القضاء او كما يحلو لأهل المهنة تسميتها بالسلطة القضائية، فمع كلّ عطلة قضائية يأمل القضاة في ان تحمل السنة المقبلة في طياتها تقدّما ايجابيا كأن يتم إصلاح البنية التحتية للمحاكم وان يعلن عن الحركة القضائية في إبانها وأن تنطلق الدوائر القضائية في عملها دون نقص في الطاقم القضائي مهما كان دوره،ولكن كلّها لا تزال مجرّد أحلام،وهو ما جعل انطلاقة السنة القضائية الحالية تحت عنوان «احتقان،غضب وإحباط».
المشهد القضائي هذه السنة لا يختلف عن سابقيه كثيرا بل يمكن القول أنه أكثر قتامة وفق ما لاحظناه بعيون أهل الدار من قضاة ومحامين ،فقبل أن يشهد بهو المحكمة الابتدائية بتونس وككلّ سنة موكب افتتاح الموسم القضائي الجديد والتي تتزيّن فيه أرضية باب بنات بالسجاد الأحمر ترى هل يحمل المسؤولون معهم حلولا لهذه الأزمة وإجراءات تضاعف من سرعة قطار الإصلاح؟.

«وضعية سيئة»
المجهود القضائي يتضاءل خلال العطلة القضائية وهذا أمر طبيعي لأن القضاة يدخلون في راحة سنوية طبقا للقانون ليبقى البعض منهم في ما يسمى بالدوائر الصيفية خاصة بالقطبين القضائين لما للملفات الموجودة فيها من أهمية وما تتطلبه من عمل متواصل،اليوم ومع انتهاء العطلة وعودة الحركية إلى المحاكم لاحظنا حالة من الاحتقان في صفوف المحامين والقضاة على خلفية الكمّ الهائل من الشغورات التي ظهرت نتيجة الحركة القضائية،فبين حقّ القاضي في الترقية والنقلة والخطة الوظيفية وبين إشكال الشغور وجد مجلس القضاء العدلي نفسه محلّ نقد لاذع واتهامات كبيرة،فبقطع النظر عن مدى صحّة الطريق الذي ينتهجه هذا المجلس القطاعي فإن المؤكد أن الوضع القضائي بصفة عامة يشكو نقائص بالجملة وعلى جميع المستويات جعلت من القضاة يخيّرون العمل خارج بلادهم وأصبحنا نتحدث عن هجرة القضاة ،هذا ما جاء على لسان عميد المحامين عامر المحرزي الذي قال في تصريح لإذاعة موزييك «السنة القضائية الحالية ستكون فاشلة بكل المقاييس بسبب سوء الوضعية ونقص عدد القضاة علما وان عددا هاما من القضاة هاجروا إلى الخليج وتمتع عدد آخر بالخروج الطوعي من الوظيفة» كما تحدّث عن الوضعية السّيئة للمحاكم والاكتظاظ ونقص الإمكانيات الذي يزيد من تعميق الأزمة وفق تعبيره.

«صندوق جودة العدالة»
هناك اختلاف في وجهات النظر بين المتابعين للمشهد القضائي وحتى بين القضاة أنفسهم فيما يتعلّق بنقلة زملائهم الذين تم تعهيدهم بملفات ثقيلة على غرار ملفات الفساد والملفات ذات الصبغة الإرهابية فيرى الكثيرون أن هذه الخطوة من شانها أن تساهم في تعطيل البت في الملفات وغيرها من التبعات،ولكن لا يمكن من جهة أخرى حرمان القاضي من حقّه في النقلة،هنا يطرح السؤال كيف يمكن تحقيق هذه المعادلة الصعبة؟ هل بتنقيح التشريعات؟. فالقطب القضائي المالي ونظيره المختص في قضايا الإرهاب دون أن ننسى الدوائر القضائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية جميعها متعهّدة بملفات دقيقة ومتشعبة والوقت يلعب دورا كبيرا في مسار الفصل فيها ولكن اليوم وبهذا النقص في دوائرها الذي يفوق 80 بالمائة مثلا في الدوائر الجنائية وفق تصريح رئيس جمعية القضاة انس الحمادي مؤخرا من شأنه أن يساهم في إضاعة وقت يعتبر ثمينا بالنسبة لهؤلاء القضاة. نقص على جميع المستويات البشري واللوجستي في قطاع القضاء رغم تشخيص الأزمة من قبل عديد الوزراء الذين تعاقبوا على حقيبة وزارة العدل ولكن الدواء لا تزال رحلة البحث عنه جارية ولا يزال القضاء يتلقى في كلّ مرّة جرعات مسكنة ووقتية لينتهي مفعولها مع كلّ سنة قضائية ويكشف الستار عن كمّ الإشكاليات المتراكمة دون حلّ ودائما المتضرر الوحيد هو المتقاضي فمتى يتعافى هذا القطاع؟.هنا طالبت جمعية القضاة بتركيز ما أسمته بصندوق جودة العدالة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115