من عدمه فإن ملف انتخاب أربعة أعضاء من تركيبة المحكمة الدستورية وضع جانبا بصفة مؤقتة لحين التوصل إلى حلّ يرضي جميع الأطراف السياسية خاصة بعد فشل ما يسمى بالتوافقات،وضعية أصبحت مثيرة للجدل وانعكست سلبا على تركيز هيئة قضائية دستورية مستقلة تمت المصادقة على القانون المنظم لها منذ سنة 2015 ،جمعية القضاة دخلت على الخطّ إذ حمّلت مجلس النواب المسؤولية في تواصل هذا التأخير وعبّرت عن موقفها تجاه مقترح المبادرة التشريعية.
المحكمة الدستورية هي هيئة مستقلة كلّف القانون كلا من مجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء بتعيين أعضائها أي بمعدل أربعة عن كلّ طرف علما وأن العدد الجملي لأعضاء هذا الهيكل القضائي هو 12 عضوا.
فشل مجلس نواب الشعب للمرة الثالثة على التوالي في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الموكول إليه تعيينهم وفي هذه الحالة فإن الفصل 11 من القانون الأساسي عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 ينصّ على أن يتم فتح باب الترشح من جديد ولكن هناك حديث عن تقديم مبادرة تشريعية لحسم الأمر،هنا عبّرت جمعية القضاة التونسيين عن عميق أسفها وانشغالها مما آل إليه مسار تركيز المحكمة الدستورية من أزمة وصفتها بالمتفاقمة نتيجة التأخر الكبير في عملية تركيز هذه الهيئة القضائية الدائمة للرقابة على سلامة تنزيل المضامين الدستورية في التشريعات الجديدة ومطابقتها وملاءمتها للدستور وعلى تكريس نظام الفصل بين السلط والتوازن بينها،هذا وأكّد بيان الجمعية على ضرورة الإسراع بتركيز المحكمة الدستورية وجعل ذلك من أهم أولويات مجلس نواب الشعب.
من جهة أخرى وفيما يتعلق بمقترح المبادرة التشريعية فقد شدّد المكتب التنفيذي لجمعية القضاة على أن الحرص على تركيز المحكمة الدستورية لا يمر عبر التدخل التشريعي بالتخفيض من الأغلبية المستوجبة لانتخاب أعضائها باعتبار الأغلبية المعززة هي ضمانة جوهرية من ضمانات حياد أعضاء المحكمة من خلال تحقيق أكبر توافق حولهم للنأي بهم عن الولاءات الشخصية والحزبية. ودعا إلى ضرورة الخروج من تلك الأوضاع بعيدا عن الحلول التشريعية الماسة بضمانات استقلال وحيادية المؤسسات القضائية والمضعفة لها كما سبق أن دعا إلى ذلك في سياق المبادرةالتشريعية لتنقيح القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وحذر من تداعيات التدخل التشريعي على حسن سير ذلك المجلس واحترام استقلاله.
من المسؤول؟
سؤال أجاب عنه المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين حيث طالب مجلس نواب الشعب بتحمل مسؤولياتهم والإسراع بانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وتلافي جميع التداعيات الخطيرة الناتجة عن الفشل في ذلك،هذا وعبّر المكتب في ذات السياق عن عميق انشغاله من استمرار وضعية الإدارة المؤقتة للمجلس الأعلى للقضاء عبر كل هياكله بعد سنة تقريبا من انعقاد أول اجتماع له في أفريل 2017 ، وسجّل بشديد الاستغراب سلبية أعضاء المجلس من الذين تمسكوا بتركيزه وإن بارتكاب الخروقات الدستورية بذريعة الوصول بالقضاء إلى وضعية المؤسسات الدائمة وركونهم حاليا لاستدامة الأوضاع المؤقتة للمجلس وفق ما جاء في البيان.
كما حذّرت جمعية القضاة من المخاطر المحيطة باستمرار الأوضاع المؤقتة للسلطة القضائية من خلال استدامة الإدارة المؤقتة للمجلس الأعلى للقضاء والرقابة المؤقتة على دستورية القوانين كأوضاع ضعف وهشاشة على صون الحريات وسلامة الانتقال الديمقراطي.