من عدمه سيكون غدا الاثنين 26 فيفري الجاري وذلك بعد الإجماع على أن هذه المسألة هي من الصلاحيات المطلقة للهيئة دون غيرها وذلك في تأويل واضح للفصل 18 من القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية والذي ينصّ على أن « مدّة عمل الهيئة حدّدت بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها». علما وان أحمد الصواب القاضي الإداري رأى فيه قراءة مخالفة بأن المقصود بالمجلس التشريعي هو مجلس نواب الشعب وهو المخوّل قانونا للحسم في مسالة التمديد. غدا موعد الإعلان عن القرار فهل يخرج مجلس النواب عن صمته أم تواصل الهيئة سيرها في الطريق الذي رسمته لوحدها؟
وللتذكير فإن سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة قد صرّحت في وقت سابق بأن « قرار التمديد من عدمه هو من الصلاحيات المطلقة للهيئة وسيتم الحسم في الموضوع يوم غد 26 فيفري الجاري ومجلس الهيئة هو من يمارس هذه الصلاحية ويقوم برفع الإعلام للبرلمان نظرا لوجود تبعات مادية وذلك بهدف تمكينه من تهيئة نفسه وتشكيل لجنة للنظر في توصيات الهيئة من جهة ولأخذ التدابير اللازمة من جهة أخرى».
مجرّد صورة
«الانفراد بالرأي»،الحديث عن الاستقلالية التامة ولا أحد يمكنه التدخّل في الهيئة مهما كان موقعه والهيئة غير ملزمة بأي قرار من أي جهة،عبارات تداولت منذ نشأة هذا الهيكل ولا تزال ،إذ كانت النتيجة خلافات داخلية حادة بين أهل الدار وقرارات بالإعفاء والإقالات شملت عددا كبيرا من الأعضاء،في ظل صمت وصف «بالمريب والمثير للشكوك» من قبل الجهات الرسمية وعلى رأسها مجلس نواب الشعب،هذا الأخير لم يحرّك ساكنا أيضا أمام القرار الذي اتخذته الهيئة بخصوص التمديد بإسناد الصلاحية لنفسها في إقصاء واضح له وفي رسالة مضمونة الوصول «لا للتدخّل في الهيئة» أي أن المجلس مجرّد صورة وأن إعلامه بالقرار من باب الإبلاغ فقط لبرمجة ما تستحقه الهيئة على المستوى المادي خاصة. صمت يثير أكثر من سؤال،هل هو بكامل إرادته (أي المجلس) أم بلغة «أخطى راسي واضر» أم لا أحد يمكنه الوقوف في وجه الهيئة عامة وبن سدرين بصفة خاصة؟ أم ينتظر الوقت المناسب للتدخل وتأويل الفصل 18 كما يراه مناسبا هو الآخر؟.علما وان الهيئة إلى اليوم لم تستجب للأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية القاضية بإلغاء قرارات الإعفاء.
تمديد وماذا بعد؟
استبعدت بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة في تصريحات سابقة إمكانية إنهاء أعمال الهيئة في مارس 2018 في إعلان مبطّن عن القرار الذي ستعلن عنه غدا اي التمديد بسنة في عمرها استغلالا للفرصة التي منحها إياها الفصل 18 من قانون العدالة الانتقالية ولكن هل هذه المدّة كافية لانجاز المطلوب منها والذي يمكن القول أنه لم ينجز منه إلاّ القليل القليل وفي رواية أخرى لم ينجز منه شيء ،إذ بقي مسار العدالة الانتقالية متعثّرا. في هذا السياق تحدث رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عن هذه الهيئة التي تم تأمينها على سفينة العدالة الانتقالية أملا في إيصالها إلى برّ الأمان فقال خلال تصريح إلى صحيفة أجنبية هذه الهيئة « لم تقم بعمل يفخر به ولم تقم بدورها في تطبيق العدالة الانتقالية وهي هيئة قانونية يحترم وجودها ولكنها غير دستورية وستنتهي مدتها بموجب القانون المحدث لها».