بين 14 و15 جانفي 2011 حيث وفي ظل الفوضى التي شهدتها البلاد عامة وعدد من السجون في مختلف الولايات بصفة خاصة فقد شهد السجن المدني بالمنستير حالة من الاحتقان بعد أن غصّت احدى الغرف بعدد كبير من المساجين إذ أقدم احدهم على إضرام النار بإحدى الحشايا وكانت النتيجة سقوط أكثر من 40 قتيلا من السجناء وجرح آخرين بدرجات متفاوتة الخطورة.قضية وبعد جولتها المطولة بين دائرة الاتهام ومحكمة التعقيب والتحقيق أحيلت على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير إذ قرّرت الأخيرة تأجيل النظر في أولى الجلسات التي عقدت مؤخرا إلى موعد لاحق استجابة لطلب شقي الدفاع.
أصابع الاتهام في قضية الحال وجّهت إلى 9 أنفار وهم المدير السابق للسجن المذكور وسبعة من أعوانه بالإضافة إلى أحد المساجين الذي أقدم على إضرام النار في غرفة بداخلها أكثر من 200 سجين.
رحلة بسبع سنوات
ملف قضية الحال منشور أمام التحقيق منذ 2011 تم التعقيب مرتين حيث قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالمنستير بعد أربع سنوات أي سنة 2015 إحالة الملف على الدائرة الجنائية و كانت إحدى الدوائر المختصة بمحكمة التعقيب بتونس قد قررت تفكيك الملف ورفض تعقيب السجين المتهم في القضية وإحالة القضية على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير ،كما قررت النقض وإحالة الملف في خصوص مدير السجن وبقية الأعوان على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالجهة .هذا الملف يعدّ من الملفات الحارقة التي اكتنفها الغموض خاصة بعد استبعاد عدد من الشهادات الهامة وفق تقدير لسان الدفاع عن المتضررين.اليوم وقد تعهدت الدائرة الجنائية بهذه القضية فهل تكشف حقيقة ما حدث فعلا؟
هذا ما قدّمه لسان الدفاع
في أولى الجلسات التي فتحت فيها الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير ملف قضية «محرقة» السجن المدني بالمكان قررت التأجيل إلى موعد لاحق استجابة لطلب لسان الدفاع عن الطرفين (المتضررين والمتهمين) لإعداد وسائل الدفاع ،ليلى الحداد وبصفتها محامية القائمين بالحق الشخصي قدّمت تقريرا مفصلا عن العملية إذ اعتبرت بأن أعوان السجن قد استعملوا الغاز المسيل للدموع ضدّ السجناء في الليلة الفاصلة بين 14 و15 جانفي 2011 الأمر الذي زاد من تعقيد الأمور ومن صعوبة نجاة عدد منهم الذين التهمت النار أجسادهم ،من جهة أخرى تضمن التقرير أيضا أن السجناء الذين تمكنوا من الخروج ومغادرة الغرفة هروبا من السنة النيران التي أتت عليها بالكامل جوبهوا بالرصاص من قبل أعوان السجن وهو ما أسفر عن وفاة عدد منهم وإصابة آخرين ،هذا ووصفت الحداد حادثة السجن المدني بالمنستير بالجريمة الممنهجة والمدبّرة ووجهت أصابع الاتهام إلى مدير السجن المذكور بالتقصير وتعمده عدم إبلاغ الحماية المدنية في الوقت المناسب على حدّ تعبيرها.الدائرة الجنائية المتعهدة أمامها اليوم ملفّ أقل ما يقال عنه أنه معقّد وغامض ولا بد من فكّ رموزه للوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤوليات.